عمرو الطلمنكي، وأبو عمر بن عبد البر، وابن أبي زيد في المختصر، وغير واحد، ونقله أيضاً عن مالك غير هؤلاء ممّن لا يُحصى عددُهم، مثل أحمد بن حنبل، وابنه عبد الله، والأثرم، والخلال، والآجري، وابن بطة، وطوائف غير هؤلاء من المصنّفين في السنة، ولو كان مالك من الواقفة أو النفاة لم ينقل هذا الإثبات"1.
وقد ألزم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله هؤلاء القائلين بأنَّ مذهب السلف التفويض بسبعة لوازم، لا فكاك لهم منها ولا مناص لهم عنها، وهي تنادي على مذهبهم بالإبطال:
أحدها: أن يكون الله سبحانه قد أنزل في كتابه وسنة نبيّه من هذه الألفاظ ما يضلّهم ظاهره ويوقعهم في التشبيه والتمثيل.
الثاني: أن يكون قد ترك بيان الحق والصواب لهم ولم يُفصح به، بل رمز إليه رمزاً، وألغزه ألغازاً لا يفهم من ذلك إلاَّ بعد الجهد الجهيد.
الثالث: أن يكون قد كلَّف عباده أن لا يفهموا من تلك الألفاظ حقائقها وظواهرها، وكلّفهم أن يفهموا منها ما لا تدل عليه، ولم يجعل معها قرينة تفهم ذلك.
الرابع: أنَّه يكون دائماً متكلّماً في هذا الباب بما ظاهره خلاف الحق بأنواع متنوّعة من الخطاب تارة بأنَّه استوى على عرشه، وتارة بأنَّه فوق عباده، وتارة بأنَّه العليّ الأعلى، وتارة بأنَّ الملائكة تعرج إليه، وتارة بأنَّ الأعمال الصالحة تُرفع إليه، وتارة بأنَّ الملائكة في نزولها من العلوِّ إلى أسفل تنزل من عنده، وتارة بأنَّه رفيع الدرجات، وتارة بأنَّه في السماء، وتارة بأنَّه الظاهر الذي ليس فوقه