وأفصح الخلق في البيان والتعريف والدلالة والإرشاد، وهو سبحانه مع ذلك ليس كمثله شيء، لا في نفسه المقدّسة المذكورة بأسمائه وصفاته، ولا في أفعاله، فكما نتيقّن أنَّ الله سبحانه له ذات حقيقة، وله أفعال حقيقة، فكذلك له صفات حقيقة وهو ليس كمثله شيء لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، وكل ما أوجب نقصاً أو حدوثاً فإنَّ الله منزَّهٌ عنه حقيقة، فإنَّه سبحانه مستحقٌ للكمال الذي لا غاية فوقه، ويمتنع عليه الحدوث لامتناع العدم عليه، واستلزام الحدوث سابقة العدم، ولافتقار المحدَث إلى محدِث، ولوجوب وجوده بنفسه سبحانه وتعالى.
ومذهب السلف بين التعطيل والتمثيل، فلا يمثِّلون صفات الله بصفات خلقه كما لا يمثِّلون ذاته بذات خلقه، ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله فيعطِّلوا أسماءه الحسنى وصفاته العليا ويحرِّفوا الكلم عن مواضعه ويلحدوا في أسماء الله وآياته، وكل واحد من فريقي التعطيل والتمثيل فهو جامع بين التعطيل والتمثيل، أما المعطِّلون فإنَّهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته إلاّ ما هو اللاّئق بالمخلوق، ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات، فقد جمعوا بين التعطيل والتمثيل، مثّلوا أوّلاً وعطّلوا آخراً، وهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم، وتعطيل لما يستحقُّه هو سبحانه من الأسماء والصفات اللاّئقة بالله سبحانه وتعالى"1.
ويمكن تلخيص الأقسام الممكنة في آيات الصفات وأحاديثها في ستة أقسام ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وكل قسم منها عليه طائفة من أهل القبلة وهي: