وضعت بين يديه مِسْكة عظمية فأخذ بأنفه، فقيل يا أمير المؤمنين إنما هو ريح قال: وهل ينتفع منها إلا بريحها1.

وكما تورع في طعامه وشهوته وحتى حواسه التي لا يقدر على دفع ما يدخل فيها إلا بشق الأنفس، تورع أن يرى لنفسه حقا في دواب المسلمين التابعة لبيت مالهم أن يستعملها وإن استعملها أهله بدون معرفة منه دفع الثمن إلى بيت المال، فروى ابن الجوزي، عن رياح بن عبيدة كان عمر بن عبد العزيز يعجبه أن يتأدم بالعسل، فطلب من أهله يوما عسلا، فلم يكن عندهم، فأتوه بعد ذلك بعسل فأكل منه فأعجبه فقال لأهله: من أين لكم هذا؟ قالت امرأته بعثت مولاي بدينارين على بغل البريد فاشتراه لي فقال: أقسمت عليك لما أتيتني به فأتته بعُكَّة2 فيها عسل، فباعها بثمن يزيد ورد عليها رأس المال وألقى بقيته في بيت مال المسلمين، وقال: أنصبتِ دواب المسلمين في شهوة عمر؟ 3.

وللمسلم أن يأخذ بالرخص التي أباحها الشرع للحاجة والضرورة، ولكن عمر رحمه الله لا يأخذ على نفسه إلا بالعزائم، ففي الشتاء البارد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015