"فاحتج بعضهم فيه بكلمة زندقة استوحش من ذكرها وتستر آخر من زندقة صاحبه فقال: قال تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} قلنا: هذه الآية لنا عليكم لا لكم، إنما يعني أنه حاضر كل نجوى، ومع كل أحد من فوق العرش بعلمه، لأن علمه بهم محيط، وبصره فيهم نافذ، لا يحجبه شيء عن علمه وبصره، ولا يتوارون منه بشيء، وهو بكماله فوق العرش بائن من خلقه {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} ، أقرب إلى أحدهم من فوق العرش من حبل الوريد، قادر على أن يكون له ذلك، لأنه لا يبعد عن شيء ولا يخفى عليه خافية في السموات ولا في الأرض، فهو كذلك رابعهم، وخامسهم، وسادسهم، لا أنه معهم بنفسه في الأرض كما ادعيتم، وكذلك فسرته العلماء..".1
13 - قول محمد بن عثمان بن أبي شيبة2 رحمه الله (297 هـ)
وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة، في كتاب "العرش" له: "ذكروا أن الجهمية يقولون: إن ليس بين الله وبين خلقه حجاب، وأنكروا العرش، وأن يكون الله فوقه، وقالوا إنه في كل مكان" وذكر أشياء إلى أن قال: "فسرت العلماء {وَهُوَ مَعَكُمْ} يعني بعلمه، توافرت الأخبار أن الله خلق العرش فاستوى عليه بذاته فهو فوق العرش بذاته، متخلصا من خلقه بائنا منهم"3.