حرَام وَيَقُول إِن ذَلِكَ بِدعَة وَلَا لَهَا فضل وَلَا ورد فِي الحَدِيث فِيهَا فضل وَشرف، فَهَل على الصَّوَاب أَو على الْخَطَأ. أفتونا مَأْجُورِينَ مثابين، فَأجَاب بِمَا لَفظه: أما الصَّلَاة الْمَعْرُوفَة بِصَلَاة الرغائب فَهِيَ بِدعَة وحديثها مَوْضُوع وَمَا حدث إِلَّا بعد الأربعمائة من الْهِجْرَة وَلَيْسَ لليلتها تَفْضِيل على أشباهها من ليَالِي الْجمع وَأما لَيْلَة النّصْف من شعْبَان فلهَا فَضِيلَة وإحياؤها بِالْعبَادَة مُسْتَحبّ وَلَكِن على الِانْفِرَاد من غير جمَاعَة واتخاذ النَّاس لَهَا وَلَيْلَة الرغائب موسما وشعارا بِدعَة مُنكرَة وَمَا يزِيدُونَ فِيهِ على الْعَادة من الوقيد غير مُوَافق للسّنة وَمن الْعجب حرص النَّاس على الْبدع فِي هَاتين الليلتين وتقصيرهم فِي المؤكدات الثَّابِتَة عَن رَسُول الله وَالله الْمُسْتَعَان وَهُوَ أعلم. انْتهى بِحُرُوفِهِ وَهُوَ الْحق الْوَاضِح الَّذِي مر عَن الْعلمَاء وَإِذا حفظته وتأملته بَان لَك واتضح أَن مَا وَقع لَهُ من الْإِنْكَار عَليّ سُلْطَان الْعلمَاء الْعِزّ حِين أفتى بِمَا يُوَافق افتائيه هذَيْن لَيْسَ فِي مَحَله وَلَا ينظر لإنكاره هَذَا وَلَا يعول عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَفسه وَافق الْعلمَاء على أَن مَا يفعل فِي هَاتين الليلتين من الشعار المخترع بِدعَة وضلالة وَأَن حَدِيثهمَا باطلان موضوعان لَا أصل لَهما فَلَا يقبل مِنْهُ بعد ذَلِكَ الرُّجُوع لداع دعى إِلَيْهِ انْتهى.
وَفِيه أَيْضا نقلا عَن عز الدَّين بْن عبد السَّلَام أَن الْبدع عَليّ ثَلَاثَة أضْرب مُبَاح كالتوسع فِي المآكل والمناكح فَلَا بَأْس بِهِ وَحسن وَهُوَ كل مَا وَافق الْقَوَاعِد الشَّرْعِيَّة وَلم يُخَالف شَيْئا مِنْهَا كَصَلَاة التَّرَاوِيح وَبِنَاء الرَّبْط والخانات والمدارس وَغير ذَلِكَ من أَنْوَاع الْبر الَّتِي لم تعهد فِي الصَّدْر الأول وَالضَّرْب الثَّالِث مُخَالف للشَّرْع صَرِيحًا واستلزاما كَصَلَاة الرغائب فَإِنَّهَا مَوْضُوعَة وَكذب عَلَيْهِ ذكر ذَلِكَ أَبُو الْفرج بْن الْجَوْزِيّ وَكَذَا قَالَ أَبُو بكر مُحَمَّد الطرطوشي أَنَّهَا لم تحدث بِبَيْت الْمُقَدّس إِلَّا بعد ثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة من الْهِجْرَة وَهِي مَعَ ذَلِكَ مُخَالفَة للشَّرْع يخْتَص الْعلمَاء بِبَعْضِهَا وَبَعضهَا يعم الْجَاهِل والعالم انْتهى مُلَخصا.
وَإِن شِئْت الإطلاع على مناظرة وَقعت بَين الْعِزّ بن عبد السَّلَام وَبَين ابْن الصّلاح وعَلى عباراتهما التَّامَّة وعَلى مَا رد السُّبْكِيّ وَغَيره على ابْن الصّلاح فَارْجِع إِلَى الرسَالَة الْمَذْكُورَة وَلَوْلَا خوف الإطالة لنقلتها بِالْكُلِّيَّةِ