فِي تحفة الثِّقَات فِي تفاضل اللُّغَات. وفقني الله لختمها كَمَا وفقني لبدئها.
الثَّامِن: قوم حملهمْ على الْوَضع قصد الإغراب والإعجاب وَهُوَ كثير فِي الْقصاص والوعاظ الَّذين لَا نصيب لَهُم من الْعلم وَلَا حَظّ لَهُم من الْفَهم.
وَهُنَاكَ أَقسَام أخر بِحَسب الْأَغْرَاض المتنوعة والمقاصد المتشتتة.
فَقَالَ: بَين لي كَيفَ يضع الزهاد الْأَحَادِيث مَعَ زهدهم وورعهم فَإِنِّي لفي عجب من ذَلِك.
فَقلت: لَا عجب فَإِن كثيرا من الزهاد كَانُوا جاهلين غير مميزين بَين مَا يحل لَهُم وَمَا يحرم عَلَيْهِم، فَكَانُوا يظنون أَن وضع الْأَحَادِيث ترغيباً وترهيباً لَا بَأْس بِهِ بل هُوَ وَاجِب لِلْأجرِ أَلا ترى إِلَى عباد زَمَاننَا مِمَّن لم يمارس الْعُلُوم وَلم يوفق لخدمة أَرْبَاب الْفَهم كَيفَ إنهمكوا فِي ارْتِكَاب البدعات ظنا مِنْهُم أَن ارتكابها من الْحَسَنَات، وَكثير مِنْهُم قد علمهمْ شيوخهم الصَّلَوَات بتراكيب مَخْصُوصَة لَا لِأَنَّهَا ثبتَتْ بالأخبار المروية، بل بِنَاء على أَن التطوعات لَا يضمر فِيهَا إختيار الكمية الْمعينَة والكيفية المشخصة، فعلموهم ليعملوا بهَا لَا يتكاسلوا عَنْهَا، فَظن المريدين أَنَّهَا كلهَا من الحضرة النَّبَوِيَّة فأسندوها إِلَى الحضرة الْعلية.
فَقَالَ: فَكيف قبل تِلْكَ الْأَحَادِيث الْمَوْضُوعَة جمع من الْمَشَايِخ الجامعين بَين عُلُوم الْحَقِيقَة والشريعة وأدرجوها فِي تصانيفهم السلوكية.
فَقلت: لحسن ظنهم بِكُل مُسلم وتخليهم أَنه لَا يكذب على النَّبِي مُسلم.
فَعَاد قَائِلا: قد ذكر بعض الصُّوفِيَّة فِي دفاترهم أَسَانِيد لتِلْك الْأَحَادِيث فَكيف لَا يعْتَبر بهَا. فَقلت من ذكرهَا بِغَيْر إِسْنَاد لَا يعْتَمد عَلَيْهِ