والحوت" قال: ولا تستنيء العرب بها كلها، إنما تذكر بالأنوار بعضها، وهي معروفة في أشعارهم، وكلامهم.
وإنما غلَّظ الشرع في ذلك؛ لأنَّ العرب كانت تزعم: أن ذلك المطر الذي جاء بسقوط نجم هو فعل النجم، وكانت تنسب المطر إليها، ولا يجعلونه سُقيًا من الله، وإن وافق سقوط ذلك النجم المطر يجعلون النجم هي الفاعلة.
قال أبو إسحاق: وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، ولم يرد ذلك المعنى، ومراده: أنَّا مطرنا في هذا الوقت، ولم يقصد إلى فعل النجم، فذلك والله أعلم جائز، كما جاء عن عمر رضي الله عنه: أنه استسقى بالمصلى، ثم نادى العباس كم بقي من نوء الثريا؟ فقال: إن العلماء بها يزعمون أنها تعترض في الأفق سبعًا بعد وقوعها. فوالله ما مضت تلك السبع حتى غيث الناس، فإنما أراد عمر رضي الله تعالى عنه: كم بقي من الوقت الذي جرت به العادة: أنه إذا تم أتى الله بالمطر؟ والصحيح: أنه لا يجوز نسبة ذلك إلى النجم، ولو على طريق المجاز، فقد صرح ابن مفلح في "الفروع" بأنه يحرم قول: مطرنا بنوء كذا، وجزم في الإنصاف بتحريمه، ولو على طريق المجاز، ولم يذكر خلافًا قال في فتح المجيد: وذلك أن القائل لذلك نسب ما هو من فعل الله تعالى الذي لا يقدر عليه غيره إلى خلق مسخر لا ينفع، ولا يضر، ولا قدرة له على شيء، فيكون ذلك شِركًا أصغر، والله أعلم.