وولده لكان شرًا له، وربما سأل الله الولي المؤمن الفقر، وهولا يناسب حاله فلا يجيب طلبه، ويصرفه إلى الغنى، وهو مما يناسب حاله بالنسبة لعلم الله تعالى، ولو صرفه إلى الفقر -وهوكذلك- لكان شرًا له والله جل اسمه لا يرضى له ذلك، ثم أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم: أن الله أقسم، وقال: وعزتي، وجلالي، وعلوي على خلقي، وبهائي، وارتفاع مكاني -نؤمن بذلك ونعتقده، ولا نؤوِّل ولا نصر، بل نقول: الله سبحانه وتعالى أخبر بذلك، ووصف نفسه بذلك بدون تشبيه، وتنزه المولى عن المثل، والشبه، والصفات التي لا تليق به. قال الله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11] وهذا مذهب السلف الصالح،وعليه أئمة الهدى، وأرباب الفتوى، وهم أعلم بما تضمن كلام الباري تعالى، وأسلم عقيدة ومذهبًا، لا يؤثر ويفضل هو المولى جل علاه وأمره ونهيه على هوى نفسه إلا أثبت أجله المقدرله أزلاًعند بصره ليراه حين يريد، فيعرف متى دنوه، وانتهائه، فيجتهد لاكتساب الطاعات، وتكثيرالحسنات، فإنه قادم على يوم يحتاج فيه إلى كثرة العمل الصالح، ولا يقدم على معصية، ويتجنب المضار، فلا ينهمك بالشهوات، ويتباعد عن المنهيات؛ لأنه لا يسوِّف إلا إذا غاب عنه أجله، وخفي عليه وقته؛ فإنه يطمع أن يعيش كثيراً، فيُؤْثر هوى نفسه وشيطانه على هوى مولاه، فيغشى اللذات الدنيوية بتساهل، فيأتي يومه المقدر له بغتةً، وهو لا يشعر، فلا يجد وقتاً للتوبة والإنابة، فمن آثر، وفضل هوى مولاه على هوى نفسه يضمن الرب جل، وعز السماء والأرض رزقه؛ أي: يكلفهما ضمان رزقه من أن السماء تمطر، والأرض تخرج الأوقات. قال الله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات:22] ،وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ} [يونس:31] ،وقال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [سبأ:24] وزيادة من ذلك الخير العظيم والنعم الجسيمة فإن الله عز جلاله يكون له من وراء تجارة كل تاجر، أي: ينمي له تجارته، ويبارك له فيها، ويحفظها له من كل ما يطرأ عليها مما يذهبها، ويشينها، ويمحقها. فسبحانه من إله ما أرحمه، وأرأفه!، وأكلأه، وأحرسه، وأمنعه لعبده المطيع! أفلا يطيع العبد العاصي ربه، وينيب إليه، فيتمتع بذلك كله، ويحظى بنعيم مؤبد، وثواب عظيم، ومال لا ينفد، ولا يبيد؟! اللهم وفقنا لطاعتك، وجنبنا معاصيك، ومخالفتك!
والحديث: رواه الطبراني في معجمه الكبير، كما قال المصنف، ودرجته غير معلومة، وفي القلب منه شيء. والله أعلم.