بين عبدي المؤمن وبين الذَّنب" 1. رواه أبو الشيخ عن كليب الجهني.
ش- الذنب: يستعمل في كل فعل يستوخم عقباه اعتبارًا بذنب الشيء، ولهذا يسمى الذنب: تبعةاعتبارًا لما يحصل من عاقبته، وجمع الذنب: ذنوب، والعجب -بضم الغين المهملة وسكون الجيم-: يُقال: فلان أعجب بنفسه وبرأيه -على ما لم يسم فاعله- فهو معجب بفتح الجيم، والاسم: العجب بضم العين: الزهو، والكبر، وإنكار ما يرد على الإنسان. ويظن بنفسه ما ليس عند غيره، فيرى رأيه صوابًا، ورأي غيره خطأ، وخلاه: تركه، وخاليته: تاركته.
وأبو الشيخ: تقدمت ترجمته، وكليب الجهني هو صحابي.
والمعنى -والله أعلم-: أن الله سبحانه وتعالى يخبرنا: أن الذنب للعبد المؤمن خير له من العجب، ولولا ذلك لما خلى الله جل ذكره بين عبده المؤمن وبين الذنب، بأن كفه، وأمسكه، وحفظه عن اقتراف ذنب ما؛ لأن العبد إذا أذنب ذنبًا صغيرًا كان أو كبيرًا، يشعر بأنه عمل عملًا سيئًا، وخالف سيده، وأغضب خالقه، واقترف ما يستحق الذم، واللوم عليه من مولاه، فيتراجع، ويصغر في نفسه، وينقبض، ويرى نفسه مخطئة، فيعالج طرق الرضا، ويطرق باب الصلح، ويتذلل، ويتواضع لمولاه؛ ليقبل، ولا يؤاخذ بذنبه، ويعفو عن ذلك، ويسامح فمن هذا ما رواه مسلم في صحيحه وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا؛ لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم" 2 وأما إذا لم يقترف ذنبًا، ولم يقدم على معصية، وداوم على البروالتقوى، فينظر إلى غيره ممن غرق في بحارالمعاصي، أوأتى مخالفة، أو ارتكب محظورًا؛ فإنه يرى نفسه خالية من كل ذلك، فيدخله العجب، فلا يلجأ إلى بارئه، ويستفتح بابه، ويسأله، ويتواضع له، ويتذلل، فلا تظهر عظمة الربِّ وجلاله، ويخفى سرُّ الألوهية.
روى البزار عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "لوم لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أكبر من ذلك: العجب، العجب" 3 لأن صاحب الذنب لا يأمن من مكر