وخرَّج الإمام أحمد، والنسائي، والترمذي من حديث الفضل بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصلاة مثنى مثنى، تشهد في كل ركعتين، وتخشع، وتضرع، وتمسكن، وتقنع يديك -يقول ترفعهما إلى ربك عز وجل- وتقول: يا رب! يارب! يارب! فمن لم يفعل ذلك؛ فهي خداج"1 الخداج: النقصان، ومعناه هنا: أنه ناقص من الأجروالفضيلة، وكذلك الإصرار، والاستمرار على المعاصي، والتزامها؛ فإنه بسبب رفض الصلاة، وعدم قبولها. ويؤدي الغريب، ويحسن إليه، كل ذلك يفعله العبد لله عز وجل. ثم أقسم المولى جل وعز بعزته وجلاله: أن من كان موصوفاً بهذه الصفات الحميدة يكون نور وجهه أضوأ عنده من نور الشمس، ويجعل له الجهالة -إذا كان جاهلًا- علمًا، أو إذا كان عالماً يزده علمًا، ويجعل له الظلمة نورًا، فلا يرى ظلمة أمامه لا ليلًا، ولا نهاراً، فمن كان متصفًا بذلك يدعو الله جل وعز، فيجاب دعاؤه، ويلبي، ويسأل، فيعطى، ويقسم على الله جل علاه، فيبر قسمه، ويصدق يمينه، وزيادة على ذلك فإن الله عز وجل يكلؤه، ويحرسه بقوته، وحوله، ويستحفظه ملائكته، ويكون مثله عند الله كمثل جنة الفردوس، لا يتغير حالها، ولا يتلف ثمرها، أي: أن الله سبحانه وتعالى يجعله مقبولًا لكل أحد قلبًا، وقالبًا، ومن أين أتيته؛ وجدته نافعاً ذا فائدة دينية، ودنيوية. اللهم وفقنا لذلك يا رب!

والحديث ذكره الحافظ المنذري بألفاظ قريبة من هذا من رواية ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي، ولم يستطل على خلقي، ولم يبت مصرًا على معصيتي، وقطع النهار في ذكري، ورحم المسكين، وابن السبيل، والأرملة، ورحم المصاب، وذلك نوره كنور الشمس، أكلؤه بعزتي، وأستحفظه ملائكتي، أجعل له في الظلمة نورًا، وفي الجهالة حلمًا، ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة "2 رواه البزار من رواية عبد الله بن واقد الحراني، وبقية رواته ثقات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015