أو بعيدًا، ذا رحم، أو صاحب، وصديق، ولا يقصدون بذلك إلا التقرُّب إلى الله جل ذكره، والزلفى إليه.
وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل الزيارة، وما للزائر من الخير العظيم: روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ رجلًا زار أخًا له في قرية فأرصد الله تعالى على مدرجته ملكًا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخًا لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربُّها؟ قال: لا، غير أني أحببته في الله. قال: فإني رسول الله إليك؛ بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه" 1 والمدرجة بفتح الميم والراء: الطريق، وأرصده: أعد له ملكًا يقعد له على الطريق يترقبه. وقوله: "تربها" أي: تقوم بها، وتسعى في صلاحها.
وروي البزار وأبو يعلى بإسناد جيد عن أنس رضي الله عنه؛ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عبد أتي أخاه يزوره في الله إلا ناداه من السماء: أن طِبت، وطابت لك الجنة، وإلا قال الله في ملكوت عرشه: عبدي زار فيَّ وعليَّ قراه، فلم يرضَ له بثواب دون الجنة" 2 فهؤلاء وجبت لهم محبة الله عز وجل، والمحب مع من أحب يوم القيامة. نسأل الله أن يجعلنا منهم، وأن يهدينا طريقهم!
النوع الخامس: المتباذلون في الله؛ أي: من بذل ماله، وجاهه، وما يقدر عليه، وأعطاه، وسمح به لأخيه المؤمن المستحق عن طيب نفس ابتغاء مرضاة الله، ولم يقصد بذلك سوى وجه الله تبارك وتعالى. قال الباجي: أي: الذين يبذلون أنفسهم في مرضاته من الإنفاق على جهاده عدوه، وغير ذلك مما أمروا به. والله أعلم.
والحديث رواه أيضًا مالك في الموطأ مطولًا.