جميع البدن، ودلكه، وتعميمه مع النية، والجنابة: أمرمعنوي يقوم بالإنسان بسبب الجماع، أو نزول المني منه، وهي في الأصل: البعد؛ لأن الجنب -الذي يجب عليه الغسل بالجماع وخروج المني- نهي أن يقرب مواضع الصلاة ما لم يتطهر. وقوله "مرسلًا": يعني: أن الحديث روي مرسلًا. والمرسل: ما سقط منه الصحابي؛ لأن الحسن البصري رضي الله عنه تابعي، ولا يصح الاحتجاج بالحديث المرسل، ورواه ابن النجار عن أنس، فهو مرفوع من طريقه، والله أعلم، والمحافظة على هذه الأشياء: المواظبة، والاستمرار عليها.

والمعنى: أن الله جل ذكره يُخبرنا أن ثلاث أمورمن حافظ عليهن، أي: من أتى بهن، واستمر عليهن بدون تركهن مرة واحدة؛ كان ولي الله حقًا، وتولي الله أموره، وكان ناصرًا له، فيكلؤه بعنايته، ويوفقه للأعمال الصالحة، فلا يأتي إلا بخير؛ الأمر الأول: الصلاة؛ بأن يأتي بها مستجمعة الأركان، والشرائط، والمندوبات، في أول أوقاتها المحددة لها شرعًا -وهي أفضل الأعمال بعد الشهادتين، وأول ما يحاسب به العبد يوم القيامة- كما ورد الحديث بذلك عن أنس.

والثاني: الصوم؛ بأن يمسك عن الأكل، والشرب، والجماع من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ويمسك نفسه عن الفحش، وما يستقبح من الأعمال، والألفاظ المؤذية بحيث إذا آذاه أحد، أو شتمه، أو سابه، أو قاتله؛ فلا يرد عليه، بل يقول له: إني صائم، إني صائم، كما ورد في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به، والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابه أحد، أو قاتله؛ فليقل: إني صائم، إني صائم" 1 رواه البخاري، واللفظ له، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.

الثالث: الغسل من الجنابة؛ بأن يصب الماء على بدنه، ويعم جميع أعضائه إذا جامع امرأته، أو احتلم في منامه، أو إذا نظر فأمنى مع المحافظة على ذلك، وينوي بقلبه ذلك.

فمن ترك أحد هذه الثلاثة عامدًا متعمدًا؛ فقد برئت منه ذمة الإسلام، وخرج من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015