والمعنى: أن الله تباركت أسماؤه، وتنزهت صفاته يخبرنا: أن النظرة. الواحدة من الإنسان إلى المرأة الأجنبية، أو الصبي الأمر للتلذذ والاستمتاع، وإلى أموال الناس شرها، وبغضًا، وحسدًا سهم مسموم من سهام إبليس اللعين، يسلط على العبد، فيصيب به قلب المؤمن، فيصليه نار المعصية، والمخالفة، ويبعد عن الله جل ذكره، فمن جاهد نفسه، وترك هذه النظرة؛مخافة الله عز وجل؛ فإن الله سيبدله إيماناً، ويقيناً، يجد حلاوته في قلبه، فليختبر الإنسان بين مطاوعته نفسه، وإعطائها حظها، فيتعرض لسموم إبليس وجنوده، وبين أن يكف نفسه، وهواه، فلا ينظر إلى ما تقدم ذكره، فيستجلب رضا الرحمن، ويتعرض لثوابه، واللذة القلبية الإيمانية التي حلت في قلبه إعراضًا عن المعصية، وعدم التفاتٍ إلى ما ترغب فيه النفس.
وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا الباب تحث الإنسان في أن يغض طرفه عن النظر إلى ما لا يحل، فمن ذلك: ما روي عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه"1 رواه أحمد، والطبراني إلا أنه قال: "ينظر إلى امرأة أول رمقة" والبيهقي، وقال: إنما أراد إن صح -والله أعلم- أن يقع بصره عليها من غير قصد، فيصرف بصره عنها تورعًا، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: " يا علي، إن لك كَنزًا في الجنة، وإنك ذو قرنيها، فلا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة"2 رواه الإمام أحمد. وقوله: "ذو قرنيها" أي: ذو قرني هذه الأمة، وذاك لأنه كان له شجتان في قرني رأسه، إحداهما من ابن ملجم لعنة الله، والأخرى من عمرو بن ود. والله أعلم.