الثوب الذي يرتدى به من الحر والبرد. والقصم: كسر الشيء، وإبانته. والقذف: الرمي بقوة. وضرب الإزار والرداء مثلًا في إنفراده جل ذكره بصفة العظمة، والكبرياء، والعز، والقوة؛ أي: ليست كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازاً، كالرحمة، والكرم، وغيرهما، شبه ما ذكر بالإزار، والرداء؛ لأن المتصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الإنسان، ولأنه لا يشاركه في إزاره، وردائه أحد، فكذلك الله تعالى لا ينبغي أن يشركه في هذه الصفات أحد. والمعنى: أن الله عز وجل يخبرنا، ويعلمنا: أن العز، والقوة، والكبرياء، والعظمة هي مختصة بالله تعالى، لا يشاركه في هذه الصفات أحد من خلقه، ولا يليق، لا جن، ولا أنس، ولا ملك، ولا سلطان، ولا فقير، ولا غني ولا صعلوك، كاختصاص أحدكم بردائه وإزاره، فإنهما يشملانه دون غيره، وهذا ضرب مثل تقريبي إلى عقول البشر حسب عاداتهم وعرفهم ليفهموا، ويعقلوا، فمن نازع المولى جلَّ علاه في شيء من هذه الصفات المختصة به جل وعز؛ قذفه في ناره -وهو قادر على ذلك بدون مانع مطلقًا- وعذبه بها، وقصمه.

وفيه: الزجر عن ادِّعاء العزة، والكبرياء، والعظمة، والقوة؛ لأنها لا يوصف بها في الحقيقة على الإطلاق غير الخالق، البارئ، العالم، الواجد من العدم، وهي دائمة باقية لله سبحانه وتعالى. "فإن قيل": إن كثيرًا من الخلق مؤمنًا كان أو كافرًا عند العزة، والقوة، ولا سيما الكفار في عصرنا الحاضر، فالجواب: أن هذه القوة، والعزة هي سحابة صيف، لا تستمر، وهي في الحقيقة ذلك لهم؛ لأنهم يعملون أعمال البهائم، والمتوحشين، والجمادات في النوع الإنساني، وما حرب بولندة، وأخذها، واغتصابها من يد أهلها ببعيد، فنسأل الله عزة النفس، والقوة المثمرة التي تَحْملنا على المدافعة عن حقوقنا المقدَّسة، ونصر المظلوم، والأخذ على يد الظالمم بحديد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015