مرضاتي؛ ضمنت له أن أُرْجعه -إن رجعْتُه- بما أصاب من أجر، أوغنيمة، وإن قبضته أن أغفر له، وأرحمه، وأُدْخله الجنة" 1. رواه أحمد، والترمذي، والطبراني عن ابن عمر.
ش- الجهاد تكلمنا عليه في تعليقنا على "مختصر شعب الإيمان" صفحة 75 فارجع إليه؛ تجد ما يسرك. وقوله: "في سبيلي" السبيل: الطريق الذي فيه سهولة، وجمعه: ُسُبل. والمراد به هنا: الطريق الذي عبَّده المولى جلَّ، وعلا، وشرعه لعباده، وسهله، وأحكمه، لا طريق غيره مما يخالفه.
وقوله: "ابتغاء مرضاتي" الابتغاء: طلب الشيء، فتارة يكون لله، وتارة لغيره، فما كان لله سبحانه وتعالى أُثيبَ عليه صاحبُه. وقيل: وما كان لغيره جل، وعز؛ أُحبِط، وعوقب، أو لا ثواب فيه. والغنيمة: ما أصيب من أموال أهل الحرب.
والحديث عزاه المنذري إلى النسائي أيضًا، وروي مالك، والبخاريُّ، والنسائي: "تكفل الله لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله، وتصديق بكلماته بأن يدخله الجنة، أو يردَّه إلى مسكنه، مع ما نال: من أجر، أوغنيمة" 2.
والمعنى: أن الله تقدَّست أسماؤه يخبرنا أن من خرج من عباده مجاهدًا في سبيله، قاصداً بذلك مرضاة الله عز وجل ورضاه، لا أمرًا آخر، يضمن له إن رجع وعاش أن يرجعه إلى وطنه بما؛ أي: بالذي أصاب من أجرأوغنيمة، وإن لم يرجع بأن قبضه الله تعالى وتوفاه شهيدًا في ميدان القتال، أو حتف أنفه، أن يغفر له جل ذكره ذنوبه -إن كانت له ذنوب- ويرحمه، ويدخله جنته؛ لجوده بنفسه، وبذله إياها في رضا الذي خلقه، وهذا غاية ما يرجوه العبد، ففيه الحَثُّ على الجهاد بأقسامه كلها، وأن تكون نيته خالصة لإعلاء كلمة الله جل ذكره، وانتشار الإسلام، وهدم الكفر وأهله. والله أعلم.