...
62- "أنا أهلُ أن أُتَّقى فلا يجعل معي إله، فمن اتقى أن يجعل معي إلها؛ فأنا أهل أن أغفر له" 1. رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والبزار، وأبو يعلى، والحاكم عن أنس.
قوله: "أن أتقى" والتقوى في اللغة كما قال السيد الشريف: بمعنى الاتِّقاء، وهو اتخاذ الوقاية. وعند أهل الحقيقة: هو الاحتراز بطاعة الله عن عقوبته، وهو صيانة النفس عما تستحق به من فعل أو ترك. والتقوى في الطاعة يراد بها الإخلاص، وفي المعصية يراد بها الترك والحذر. وقيل: أن ينفي العبد ما سوى الله تعالى. وقيل: المحافظة على آداب الشريعة، وقيل: في مجانية كل ما يبعدك عن الله تعالى. وقيل: ترك حظوظ النفس، ومباينة النهي، وقيل: ألا ترى في نفسك شيئًا سوى الله. وقيل: ألا ترى نفسك خيرًا من أحد. وقيل: ترك ما دون الله. والمتبع عندهم هو الذي ألقى متابعة الهوى، وقيل: الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم قولًا وفعلًا، وأصل التقوى أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه منه، فتقوى العبد لربه أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه من غضبه وسخطه وعقابه وقايةً تقيه من ذلك، وهو فعل طاعته، واجتناب معاصيه. وأفضل صفة يتَّصف بها الإنسان التقوى؛ لأن بها نجاحه، ودخوله في كنف الرحمن، لا يحتجب منهم، ولا يستتر، وقد جاء تفسيرها وصفة أهلها عن السلف الصالح رضي الله عنهم، فنورد لك جملة صالحة لعلي أكون أنا وأنت ممن يتقي الله في جهره وسرِّه، فأقول، وبالله التوفيق:
قال حَبْر الأمة "ابن عباس" رضي الله عنهما: المتَّقون الذي يحذرون من الله عقوبته في