الملوك إذا فعلوا ذلك بكم من سيئات الأعمال، وقبائح الأقوال، والتنكيل بكم، وهضم حقوقكم، واستيلاء قويكم على ضعيفكم، والاستبداد بكم، وحبس حريتكم، وغصب أموالكم؛ لأنه لا ينفعكم الدعاء، ولا ينصركم ربُّ الأرض والسماء؛ لأنه لا فعل لملككم، وسلطانكم أو لا قدرة له على ذلك حقيقة، بل أنا الله الذي أقدرته على ذلك، وسلطته عليكم بحسب أعمالكم السيئة، ومخالفتكم لأحكامي وخروجكم على أمنائي، وعدم امتثالكم قوانين شرعي، وأخذكم بسنن أنبيائي.

والذي ينفعكم، ويدفع عنكم ما أنتم فيه؛ هو الإنابة إلي، والتوبة ممااقترفتموه من الذنوب والمعاصي، وإخلاص نياتكم في أعمالكم، ورد المظالم إلى أهلها، وإطاعه أنبيائكم، وامتثال أوامر علمائكم أهل التقوى والصلاح، وتشييد دعائم شريعتكم بإظهارها، والعمل بأحكامها، وعدم شغل أنفسكم بما لا يعنيكم، بل اشغلوا أنفسكم بالذكر الكثير الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم، الثابت بالأحاديث الصحيحة، دون أوراد المشايخ أرباب الطرق القاطعة. يعني: وتقربوا إلي بالأعمال الصالحات؛ أكفكم ملوككم السوء، وأعصمكم من العدو، وأغدق عليكم الخيرات والأرزاق، وأوفقكم للمبرات، وأبارك لكم في الأولاد والأموال.

وإذا عرفت هذا تعلم أن ما حصل للمسلمين من التقهقر، والانحطاط في جميع الحالات إنما هو بسبب ما وقع منهم من المخالفات، وتقليد الأوربيين في مساويهم من الشرور، والفسوق، والخلاعة، وحروجهم عن أحكام شريعتهم الغرَّاء، وعدم تأسيهم بسيد الأنبياء والأولياء، وإظهار محاسن دينهم القويم، وكله حسن لا سيء فيه على الإطلاق كما هو ظاهر في القرآن الحكيم وسنن من بالمؤمنين رؤوف رحيم، اللهم اهد أمراءنا، وعلماءنا، ووفقهم لما يرضيك يا رب العالمين!

وقوله: "رواه الطبراني" هو الإمام الحافظ، الحجة، المتقن، أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير الشامي، اللَّخمي، الطبراني، المتوفى سنة"360"هـ.

وقوله: "في الأوسط" هو اسم كتاب له في الحديث يسمى المعجم الأوسط، وله المعجم الكبير، والصغير، والأخير طبع في الهند سنة "1311"هـ، وانظر الكلام على المعاجم في كتاب النموذج صفحة 505

طور بواسطة نورين ميديا © 2015