ويتقنها: حكيم. انتهى. وقيل: الحكمة عبارة تفيد أدبًا أو عظةً، أو تجري مجرى المثل. والهوى: مصدر هواه: أحبه، وشرعًا: ميل النفس إلى مشتهيات الطبع دون مقتضيات الشرع. والوقار -بفتح الواو-: الحلم، والرزانة، والعظمة. والمعنى: أن الله سبحانه وتعالى لا يقبل على كل كلام الحكيم؛ لأن فيه ما يكون تبعًا لهواه وحظه، وما يكون تبعًا لمرضاة الله جل ذكره وأمره فالله يقبل على كلامه؛ إذا كان همه وهواه فيما يحبه الله، ويرضاه. وزيادة على ذلك: فإن الله تباركت أسماؤه يجعل حكمته حمد الله، ويزينه بالوقار، والعظمة، والهيبة. وإن لم يتكلم بالحكمة، وهذا دليل على أن الإنسان مهما اتصف بالكمال، والعقل، والأدب، والحكمة، وغير ذلك من الصفات الحميدة لا تحليه، وتزينه، وتورثه عظمة، وحلمًا، وعظة إلا إذا كان يميل إلى ما يحبه الله جل اسمه؛ بأن يفعل المأمورات، ويجتنب المنهيات، ويتبع الرسل في كل ما جاء من الأحكام، والآداب، والأخلاق، ولذلك ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به" 1. ولا شك أن المؤمن كامل الإيمان لا يكون هواه إلا تبعًا لما جاء به الدين الحنيف. ولذلك كانت الصحابة رضوان الله عليهم أفضل الخلق لما خصوا بالمزايا والصفات الكاملة، أعلاها: الميل إلى ما جاءت به الشريعة السمحة؛ التي ليلها كنهارها في الإضاءة، والوضوح، كان أحدهم يقاتل أباه، وابنه وهو في صف المؤمنين، وهما في حيز الكافرين المشركين، بذلوا -رضي الله عنهم- في طريقه مهجهم، وأنفقوا أموالهم، فطوبى لهم! فمن كان الهوى -وهو الباطل- المطاع المحبوب الاتباع تابعًا لطرق الهدى من الملة البيضاء، والسنة الزهراء حتى تصير همومه المختلفة، وخواطره المتفرقة؛ التي تنبعث من هوى النفس، وميل الطبع هما واحدًا، يتعلق بأمر ربه، واتباع شرعه؛ تعظيمًا لحقه، وشفقة على خلقه، كما قيل:
كانت لقلبي أهواءٌ مفرقةٌ ... فاستجمعت إذ رأتك العينُ أهوائي
وصار يحسُدني من كنت أحسدُهم ... وصرتُ مولى الورى إذ صرت مولائي
تركت للخلقِ دنياهم ودينَهم ... شغلًا بحبك يا ديني ودنيائي