سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يا أيها الناس! توبوا إلى ربكم، واستغفروه، فإني أتوب إلى الله، وأستغفره كل يوم مئة مرَّة" 1 وخرج الإمام أحمد بن حنبل من حديث حذيفة قال: "كان في لساني ذربٌ -أي: حاد اللسان، لا أبالي بما أقول- على أهلي لم أعده إلى غيره، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أين أنت من الاستغفار يا حذيفة! إني لأستغفر الله كل يوم مئة مرة" 2، وخرج الإمام أحمد بن حنبل، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه من حديث ابن عمر قال: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مئة مرة يقول: "رب اغفر لي وتب علي، إنك أنت التواب الرحيم! " 3.

والمغفرة العامة لجميع الذنوب نوعان؛ أحدهما: المغفرة لمن تاب، كما في قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53] إلى قوله: {ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} فهذا السياق مع سبب نزول الآية يبين: أن المعنى: لا ييأس مذنب من مغفرة الله تعالى، ولو كانت ذنوبه ما كانت؛ فإن الله جل ذكره لا يتعاظمه ذنب من أن يغفره لعبده التائب. وقد دخل في هذا العموم الشرك وغيره من الذنوب؛ فإن الله تعالى يغفر ذلك لمن تاب منه؛ ويؤيد ذلك قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة: 5] وقال في الآية الأخرى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11] وقال: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ} [المائدة: 73] إلى قوله {أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 74] قال الإمام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015