والحال هذه يحكم هذا الجاهل الذي ليس هو من أهل العلم عند أئمة مذهبه وغيرهم بصحة جوابه, وفساد قول خصمه وضلاله؟ وهل يعلم هذا إلا بالنص من كلام الله, أو كلام رسوله, أو إجماع الأمة؟
فما للمقلد والحكم بالصحة والصواب, وقد جهل نصوص السنة والكتاب؟ ومن تشبع بما لم يعط فهو كلابس ثوبي زور.
وقوله: فلا شك أن الطاعن في أهل القسم من أهل النار بعيد عن الهدى, وأنهلا يفلح أبدا في الدنيا خاسر أي خاسر, وفي الآخرة إلى النار صائر, إلى آخر عبارته.
فهذا الكلام لا يصدر من عاقل, يعرف ما خرج من بين شفتيه, نعوذ بالله من الجهل المردي, والهوى المعمي, وهذه المسبة والحكم على المخالف في هذه المسالة1 بالنار, مما تقشعر منه جلود الذين آمنوا, وما أشبهها بأخلاق أهل المجون, وأصحاب الوقاحة والجنون.
وكان ينبغي لنا أن نعد هذه الفتوى من جملة هذيان / الضالين, وأن نكف القلم عن إجابة هذه النوع من المفترين, ولكن الضرورة اقتضت، فلا إله إلا الله, ما أشد غربة الدين, وما أقل العارفين له والمميزين, كيف يقر مثل هذا بين ظهراني من له عقل يميز به الخبيث من الطيب, ويفرق به بين الآجن والصيب؟ وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكفِّروا من كفَّرهم من الخوارج الحرورية, وقد سئل علي رضي الله عنه2 , فقيل له أكفار هم؟ فقال: " من الكفر فروا".