إنكار هذا عنهم1 والنهي عنه, وهم لا ينازعون في مشروعية الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم سرا وجهرا، بل يستحبونها ويوجبونها في الصلاة, ويرون أنها من جملة الأركان فيها.
لكنهم يرون أن ما يفعله أهل الأمصار, على المنائر2 بعد الأذان, مبتدع محدث في القرن الخامس والسادس, وسبب إحداثه رؤيا رآها بعض ملوك مصر، على ما ذكره بعض المؤرخين، وقد أنكره بعض الأئمة, وقالوا: هو بدعة لم يفعله صلى الله عليه وسلم مع التمكن من فعله, ولم يفعله أحد من أئمة الهدى بعده, ولا غيرهم من أهل القرون المفضلة, وقد أمرنا بالاتباع، ونهينا عن / الابتداع.
قال ابن مسعود: " اتبعوا ولا تبتدعوا، ومن كان منكم مستنا فعليه بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم3 أبر هذه الأمة قلوبا, وأعمقها علما, وأقلها تكلفا, قوم اختارهم الله لصحبة نبيه, والقيام بدينه, فاعرفوا لهم حقهم, وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم"- أو كما قال.
وقد تقدم من الآيات والأحاديث ما يدل لقوله ويشهد له, وكتب قدماء أهل المذاهب الأربعة, وجمهور متأخريهم ليس فيها استحباب هذا ولا الأمر به, بل فيها ما يدل على منعه, وأن الواجب هو ما شرعه الله ورسوله.