ثم قال ما معناه: " إن الأخذ بعمومه يقتضي أن الاهتداء يحصل بالاقتداء بكل صحابي, ولو تخالفت أقوالهم, وتباينت آراؤهم, وأن الشخص مخير بين الأخذ بالقول وضده, فيخير في مسألة الجد والإخوة بين مذهب أبي بكر, ومن خالفه, وفي مسألة جعل الطلاق الثلاث واحدة بين رأي عمر, وغيره, وفي مسألة المتوفى عنها زوجها1 بين الاعتداد بالوضع وتربص أقصى الأجلين, وفي مسألة استرقاق المرتدات بين مذهب أبي بكر وعمر, ويخير في بيع أمهات الأولاد بين مذهب من يقول بجوازه, كعلي, ومن يقول بمنعه" كعمر ومن وافقه.

وبالجملة فإطلاق هذه يوجب أن الاهتداء يحصل بأحد الضدين, ولا نعلم قائلا به من أهل العلم والإيمان, والحق واحد في نفسه لا يتعدد, وقد قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} 2, والخطاب عام لجميع الأمة الصحابة وغيرهم, وهي نص في أن الاهتداء لا يحصل مع النزاع والاختلاف إلا بالرد إلى الله والرسول, لا بالاقتداء بأحد من الخلق كائنا من كان, وأما مع عدم النص المخالف فالاقتداء بمن هدى الله من النبيين هو الواجب, كما قال تعالى: / {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015