ويؤلِّف الخطيب كتابًا يُسَمِّيهِ " شرف أصحاب الحديث " (*) يقول في مقدمته: «فَقَدْ وَقَفْنَا عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ عَيْبِ المُبْتَدِعَةِ لِأَهْلِ السُّنَنِ وَالْآثَارِ وَطَعْنِهِمْ عَلَى مَنْ شَغَلَ نَفْسَهُ بِسَمَاعِ الْأَحَادِيثِ وَحِفْظِ الْأَخْبَارِ وَتَكْذِيبِهِمْ بِصَحِيحِ مَا نَقَلَهُ إِلَى الْأُمَّةِ الْأَئِمَّةُ الصَّادِقُونَ وَاسْتِهْزَائِهِمْ بِأَهْلِ الحَقِّ فِيمَا وَضَعَهُ عَلَيْهِمُ المُلْحِدُونَ {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة: 15] وَلَيْسَ ذَاكَ عَجِيبًا مِنْ مُتَّبِعِي الْهَوَى وَمَنْ أَضَلَّهُمُ اللَّهُ عَنْ سُلُوكِ سَبِيلِ الْهُدَى وَمِنْ وَاضِحِ شَأْنِهِمُ الدَّالُّ عَلَى خِذْلَانِهِمْ صُدُوفُهُمْ عَنِ النَّظَرِ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَتَرْكِهِمُ الْحِجَاجَ بِآيَاتِهِ الوَاضِحَةِ الْبُرْهَانِ وَاطِّرَاحِهِمُ السُّنَنَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَتَحَكُّمِهِمْ فِي الدِّينِ بِآرَائِهِمْ فَالْحَدَثُ مِنْهُمْ مَنْهُومٌ بِالْغَزَلِ وَذُو السِّنِّ مَفْتُونٌ بِالكَلَامِ وَالْجَدَلِ قَدْ جَعَلَ دِينَهُ غَرَضًا لِلْخُصُومَاتِ وَأَرْسَلَ نَفْسَهُ فِي مَرَاتِعِ الهَلَكَاتِ وَمَنَّاهُ الشَّيْطَانُ دَفْعَ الحَقِّ بِالشُّبُهَاتِ إِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ بَعْضُ كُتُبِ الْأَحْكَامِ المُتَعَلِّقَةِ بِآثَارِ نَبِيِّنَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ السَّلَامِ نَبَذَهَا جَانِبًا وَوَلَّى ذَاهِبًا عَنِ النَّظَرِ فِيهَا يَسْخَرُ مِنْ حَامِلِهَا وَرَاوِيهَا مُعَانَدَةً مِنْهُ لِلدِّينِ وَطَعْنًا عَلَى أَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ ثُمَّ هُوَ يَفْتَخِرُ عَلَى العَوَامِ بِذَهَابِ عُمْرِهِ فِي دَرْسِ الكَلَامِ وَيَرَى جَمِيعَهُمْ ضَالِّينَ سِوَاهُ وَيَعْتَقِدُ أَنْ لَيْسَ يَنْجُو إِلَّا إِيَّاهُ لِخُرُوجِهِ زَعَمَ عَنْ حَدِّ التَّقْلِيدِ وَانْتِسَابِهِ إِلَى الْقَوْلِ بِالْعَدْلِ وَالتَّوْحِيدِ ...» (?).

ثم يروي الخطيب ما رُوِيَ عن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحث على التبليغ عنه، وَمَا رُوِيَ عن الصحابة والعلماء في فضل الحديث وأهله.

ومن قبل الرامهرمزي والخطيب كتب ابن قتيبة كتابه " تأويل مختلف الحديث "، وَدَافَعَ عَنْ المُحَدِّثِينَ، وَبيَّنَ مخارج الأحاديث التي زعم أهل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015