العراقي في فرض المسائل بعد ذلك على يد أسد بن [الفرات] (*)، الذي أذهلته كثرة المسائل في العراق، فأراد أن يستخرج فتاوى مالك في مثل مسائلها، وذاكر أصحابه في ذلك، فما وجدوه منصوصًا عليه في المروي عن مالك ذكروه، وما لم يجدوا له فتوى رواها أصحاب مالك عنه اجتهدوا فيها بالقياس على ما أثر عن مالك (?).

وفي هذا القرن خُصَّ أبو حنيفة ومدرسته بأنهم أهل الرأي (?)، بحيث إذا أطلقت هذه العبارة على فرد أو جماعة فهم منها أن هذا الفرد أو هذه الجماعة ممن يتجه اتجاه أبي حنيفة في الفقه، وبسبب هذا الرأي تعرض أبو حنيفة لحملات كثيرة ووجهت إليه وإلى مدرسته انتقاداتٍ مُرَّةٍ، سواء من المدنيين، بدافع من العصبية للمشيخة والوطن، أَمْ مِنَ المُحَدِّثِينَ بدافع من اختلاف المنهج وطريقة التفكير، ثم كثرت المهاترات والاتهامات، وسجل الشعر جانبًا من هذه المعركة فقال شاعر كوفي يُفَضِّلُ أهل الكوفة على أهل المدينة في الفقه:

وَلَيْسَ يَعْرِفُ هَذَا الدِّينَ نَعْلَمُهُ ... إِلاَّ حَنِيفَةُ كُوفِيَّةَ الدُّرَرِ

لَا تَسْأَلَنَّ مَدِينِيًّا فَتُحْرِجُهُ ... إِلَّا عَنْ البَمِّ وَالمَثْنَاةِ وَالزِّيرِ

فأجابه رجل من أهل المدينة:

لَقَدْ عَجِبْتُ لِغَاوٍ سَاقَهُ قَدَرُ ... وَكُلُّ أَمْرٍ إِذَا مَا حُمَّ مَقْدُورُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015