السابق نفسه حيث جاء في بعض طرقه: «أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ، وَلَا إِقْرَارَ لَهُ [بِدَيْنٍ]» (*)، وبما روي عن ابن عمر في ذلك، ولأن الورثة قد تعلق حقهم بمال المريض أثناء مرض الموت، ولهذا يمنع من التبرع على الورثة أصلاً، ففي تخصيص البعض به إبطال حق الباقين. ولهذا يجوز إقرار المريض للوارث إذا صدقه الورثة، لأنهم أسقطوا حقهم حينئذٍ.
وعلى الرغم من أن الزيادة التي استدل بها أهل الرأي، وهي: «وَلَا إِقْرَارَ لَهُ بِدَيْنٍ» هي زيادة شاذة غير مشهورة - رأي مالك رأي الأحناف إذا اتهم المقر. وحكى العيني عَن شُرَيْحٍ وَالحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ: «لَا يَجُوزُ إِقْرَارُ المَرِيضِ لِوَارِثٍ إِلاَّ لِزَوْجَتِهِ بِصَدَاقِهَا، [وَعَنْ القَاسِم وَسَالِمٍ] وَالثَّوْري: «لَا يَجُوزُ إِقْرَارُ المَرِيضِ لِوَارِثِهِ مُطْلَقًا» ... وَبِه قَالَ أَحْمَدُ.
وقد فرق أهل الرأي بين الإقرار بالدين والإقرار بالوديعة وغيرها، لأن مبنى الإقرار بالدين على اللزوم والأمانة فرق عظيم. هكذا قالوا. وهو غير مقنع. ويريدون باللزوم أنه يلزم أداؤه وضمانه، أما الأمانة فلا يلزم فيها الضمان، فلو مات دون أن يقر بها لضاعت إلى غير بدل.
وأهل الرأي على كل حال، لم ينفردوا برأيهم في هذه المسألة، حتى أن ابن القيم ليقول: «إقْرَارُ المَرِيضِ لِوَارِثِهِ بِدَيْنٍ بَاطِلٌ عِنْدَ الجُمْهُورِ؛ لِلتُّهْمَةِ» (?).
قَالَ البُخَارِيُّ: (بَابُ اللِّعَانِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6]- إِلَى قَوْلِهِ - {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] «فَإِذَا