«لَا صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ»، «كُلُّ صَلَاةٍ لَمْ يُقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الكِتَابِ فَهِيَ خِدَاجٌ (?) أَوْ مُخْدَجَةٌ»، وحديث أبي هريرة: «مَنْ صَلَّى وَلَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ القُرْآنِ، فَهِي خِدَاجٌ (ثَلَاثًا) غَيْرَ تَمَامٍ». قُلْتُ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنِّي أَكُونُ وَرَاءَالْإِمَامِ». قَالَ: «يَا ابْنَ الفَارِسِيِّ، اقْرَأْهَا فِي نَفْسِكَ ...».

ثم ذكر أن قوله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204]، قد فسره ابن عباس بقوله: «هَذِهِ فِي المَكْتُوبَةِ وَالخُطْبَةِ». ثُمَّ رَوَى عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: «سَأَلَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أَفِي كُلِّ صَلَاةٍ قِرَاءَةٌ؟ " قَالَ: " نَعَمْ "، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: " وَجَبَتْ "». ولكنه لم يرو تأويل أبي الدرداء لذلك، مما سبق أن رواه الطحاوي.

ثم أخذ البخاري بعد ذلك في عرض وجهة نظر أهل الرأي، مشيرًا إليهم بالعبارة نفسها التي استعملها في " صحيحه "، فقال: «وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: يُجْزِيهِ آيَةً آيَةً (?)، فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، بِالفَارِسِيَّةِ، وَلَا يَقْرَأُ فِي الأُخْرَيَيْنِ»، وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي الأَرْبَعِ».

«وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأَرْبَعِ جَازَتْ صَلَاتُهُ، وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ ". فَإِنِ احْتَجَّ وَقَالَ: قَالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا صَلَاةَ " وَلَمْ يَقُلْ: " لَا يُجْزِي " قِيلَ لَهُ: إِنَّ الخَبَرَ إِذَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحُكْمُهُ عَلَى اسْمِهِ وَعَلَى الجُمْلَةِ، حَتَّى يَجِيءَ بَيَانُهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015