رَوَى أَبُو بَكْرٍ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشْعَرَ فِي الأَيْمَنِ، وَسَلَتَ الدَّمَ بِيَدِهِ».
وَعَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، خَرَجَ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الهَدْيَ، وَأَشْعَرَ، وَأَحْرَمَ».
- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " الإِشْعَارُ مُثْلَةٌ "».
عرض ابن العربي المالكي رأي أبي حنيفة في هذه المسألة، فقال: «إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَدْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الإِشْعَارَ مُثْلَةٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيَّ لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا أَشَعَرَ البُدْنَ لِئَلَّا تَنَالَهَا يَدُ المُشْرِكِينَ وَقَدْ كَانُوا يُعَظِّمُونَهَا وَيَجْتَنِبُونَهَا، فَلَمَّا اسْتَقَرَّ الإِسْلَامُ سَقَطَ ذَلِكَ. وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ التَّخْيِيرَ فِيهِ، وَعَنْ عَائِشَةَ الرُّخْصَةَ فِي تَرْكِهِ، فَرَجَّحَ أَبُو حَنِيفَةَ التَّرْكَ، لِأَنَّهُ جِهَةُ المُثْلَةِ. وَهِيَ حَرَامٌ، وَتَرْكُ النَّدْبِ أَوْلَى مِنْ اقْتِحَامِ التَّحْرِيمِ» (?).
وقد ذكر الترمذي بعد أن روى حديث الإشعار، أن وكيعًا قال بعد روايته لهذا الحديث: «لَا تَنْظُرُوا إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الرَّأْيِ فِي هَذَا، فَإِنَّ الإِشْعَارَ سُنَّةٌ، وَقَوْلُهُمْ بِدْعَةٌ».
وَقَالَ وَكِيعٌ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ مِمَّنْ يَنْظُرُ فِي الرَّأْيِ: «أَشْعَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَقُولُ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ مُثْلَةٌ؟ قَالَ الرَّجُلُ: فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: " الإِشْعَارُ مُثْلَةٌ "،