ويميل النسائي إلى الجمع بين المسح على الناصية، والعمامة (?).
ويذكر ابن رشد أن بعض العلماء قد رد حديث المسح على العمامة: إما لأنه لم يصح عنده، وإما لأن ظاهر الكتاب عارضه، حيث فيه الأمر بمسح الرأس، وإما لأنه لم يشتهر العمل به (?).
وعلى كل فقد قال بقول أبي حنيفة كثير من أعلام المجتهدين كمالك والشافعي وغيرهما ممن سبق ذكرهم.
رَوَى أَبُو بَكْرٍ بِسَنَدِهِ عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ» (*)، كما روى عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ».
- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَكْرَهُ المَسْحَ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَهُمَا جُلُودٌ».
هذا النقل عن أبي حنيفة صحيح، أما أبو يوسف ومحمد فقد أجازا المسح على الجوربين إذا [كانا] ثخينين لا يشفان، ويروى أن أبا حنيفة قد رجع إلى قولهما، وعليه الفتوى (?).
ولم ينفرد أبو حنيفة بمنع المسح على الجوربين، بل منع منه أيضًا مالك والشافعي خلافًا لمعظم المحدثين، وسبب الاختلاف هو الاختلاف في صحة الآثار المروية في ذلك، فالبخاري ومسلم لم يرويا حديث المغيرة السابق، ورواه الترمذي وقال عنه: «حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» (?)، ولكن أبا داود والنسائي قد ضعفا هذا الحديث (?).