عن ابن العربي (?)، فعلى حين أخذه المحدثون وبعض الفقهاء على ظاهره، لم يأخذ أبو حنيفة وغيره بهذا الظاهر.
عَنْ سَهْلِ بْنِ [حُنَيْفٍ]، قَالَ: كُنْتُ أَلْقَى مِنَ المَذْيِ شِدَّةً، فَكُنْتُ أُكْثِرُ الاِغْتِسَالِ مِنْهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «إِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْوَضُوءُ»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: فَكَيْفَ بِمَا يُصِيبُ ثَوْبِي؟ قَالَ: «إِنَّمَا يَكْفِيكَ كَفٌّ مِنْ مَاءٍ تَنْضَحُ بِهِ [مِنْ] ثَوْبِكَ حَيْثُ تَرَى أَنَّهُ أَصَابَ».
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «إِذَا أَجْنَبَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبِهِ فَرَأَى فِيهِ أَثَرًا فَلْيَغْسِلْهُ , فَإِنْ لَمْ يَرَ فِيهِ أَثَرًا فَلْيَنْضَحْهُ بِالمَاءِ». ثُمَّ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ آثارًا في ذلك عن إبراهيم وسالم وسعيد بن المسيب، ثم قال:
- «وَذُكِرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: " لَا يَنْضَحْهُ وَلَا يَزِيدُهُ الْمَاءُ إِلَّا شَرًّا "».
انتقد الكوثري أبا بكر بن أبي شيبة - لأنه ساق المذي والمني في مساق واحد، مع أن الأول نجس اتفاقًا، فلا يزول إلا بالغسل عند الجمهور الذي حمل النضح على معنى الغسل. أما الاحتلام فليس حكمه حكم المذي، لأن حديث عائشة في فرك اليابس من المني وغسل الرطب منه، دليل على أن المني يغسل للاستقذار لا لكونه نجسًا، ثم ضعف الكوثري - رَحِمَهُ اللهُ - معظم أسانيد الأخبار التي رواها ابن ابي شيبة، وحمل النضح في بعضها الآخر على الغسل (?).