روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ، فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ، أَنَّهُ يَجِدُ عَرْقًا سَمِينًا، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ، لَشَهِدَ العِشَاءَ».
وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله: (بَابُ وُجُوبِ صَلاَةِ الجَمَاعَةِ، وَقَالَ الحَسَنُ: «إِنْ مَنَعَتْهُ أُمُّهُ عَنِ العِشَاءِ فِي الجَمَاعَةِ شَفَقَةً لَمْ يُطِعْهَا») (?).
واستنادًا إلى الحديث السابق ذهب عطاء، والأوزاعي، وأبو ثور، وابن خزيمة وداود إلى أن صلاة الجماعة فرض عين، بل ذهب داود إلى أنها شرط لصحة الصلاة، وقد ذكر صاحب " المغني " أن أحمد بن حنبل قد نص على أن الجماعة ليست شرطًا لصحة الصلاة على الرغم من أنه يقول بوجوبها.
وذهب الجمهور إلى أن الجماعة ليست فرض عين، ثم اختلفوا هل هي فرض كفاية أو سنة، واختار النووي أنها فرض كفاية (?)، وعمدة الجمهور في عدم الوجوب الأحاديث التي فضلت صلاة الجماعة على صلاة الفرد فإنها تفيد صحة الصلاة المفضولة.
وقد ترجم الترمذي للحديث السابق بقوله: (بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ فَلاَ يُجِيبُ)، ثم علق عليه بقوله: «وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ قَالُوا: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلاَ صَلاَةَ