وَرُبَّ حَدِيثٍ يُرْوَى مِنْ أَوْجُهٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَغْرَبُ لِحَالِ الإِسْنَادِ مِثْلَ ...» (?).
أما أبو داود فإن " رسالته إلى أهل مكة " قد وضحت منهجه وشروطه، على الرغم من أنه لم يذكر مقدمة ولا خاتمة لكتابه.
وفي هذه الرسالة يقول: «فَإِنَّكُمْ سَأَلْتُمُونِي أَنْ أَذْكُرَ لَكُمْ الأَحَادِيثَ التِي فِي كِتَابِ السُّنَنِ أَهِي أَصَحُّ مَا عَرِفْتُ فِي البَابِ، فَاعْلَمُوا أَنَّهُ كُلُّهُ كَذَلِكَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ رُوِيَ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَقْوَمُ إِسْنادًا، وَالآخَرُ أَقْوَمُ فِي الحِفْظِ، فَرُبَّمَا كَتَبْتُ ذَلِكَ، وَلَا أَرَى فِي كِتَابِي مِنَ هَذَا عَشَرَةَ أَحَادِيثَ ...».
وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى، مثل سفيان الثوري ومالك والأوزاعي، حتى جاء الشافعي فتكلم فيها، وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل وغيره، فإذا لم يكن مسند غير المراسيل، فالمرسل يحتج به، وليس هو مثل المتصل في القوة.
«وَلَيْسَ فِي كِتَابِ " السُّنَنِ " الذِي صَنَّفْتُهُ عَنْ رَجُلٍ مَتْرُوكِ الحَدِيثِ شَيْءٌ، وَإِذَا كَانَ فِيهِ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ بَيَّنْتُ أَنَّهُ مُنْكَرٌ، وَلَيْسَ عَلَى نَحْوِهِ فِي البَابِ غَيْرُهُ، وَمَا كَانَ فِي كِتَابِي مِنْ حَدِيثٍ فِيهِ وَهَنٌ شَدِيدٌ فَقَدْ بَيَّنْتُهُ وَمِنْهُ مَا لَا يَصِحُّ سَنَدُهُ، وَمَا لَمْ أَذْكُرْ فِيهَا شَيْئًا فَهُوَ صَالِحٌ، وَبَعْضُهَا أَصَحُّ مِنْ بَعْضٍ ...» (?).
ونقل الأستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد، في مقدمة تحقيقه لـ " سنن