الفَصْلُ الثَّالِثُ (*): نَتَائِجُ الاِتِّجَاهِ إِلَى الآثَارِ:

أسفر هذا الاتجاه عن نتائج، نسجل أهمها فيما يأتي:

[أ] التَّوَقُّفُ فِيمَا لَا أَثَرَ فِيهِ:

رأينا فيما سبق أن غير المحدثين شاركوا المحدثين في الأخذ بالآثار، ولكن اتجاه المحدثين إلى الآثار كان يعني قصر الحجة عليها، وعدم اعتبار الرأي، ولهذا توسعوا في الأخذ بها.

وهذا الاتجاه يقتضي التوقف في المسائل التي لا أثر فيها، والإحالة إلى من جرؤ على الفتيا من معاصريهم أو ممن سبقهم.

ولهذا كثر في إجابتهم «لَا أَدْرِي»، أو «لَا أَعْلَمُ»، يتواصون بها وينقلونها عن السلف، فعن أبي الدرداء (**) قال: «قَوْلُ الرَّجُلِ فِيمَا لَا يَعْلَمُ: لاَ أَعْلَمُ نِصْفُ العِلْمِ» (?) وعن ابن عباس: «إِذَا أَخْطَأَ العَالِمُ لَا أَدْرِي - أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ» (?)، وَسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ شَيْءٍ فَقَالَ: «لَا أَدْرِي» فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ: " نِعِمَّا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، سُئِلَ عَمَّا لاَ يَعْلَمُ فَقَالَ: «لَا عِلْمَ لِي بِهِ» (?).

وَسُئِلَ الشَّعْبِيُّ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: «هِيَ زَبَّاءُ هَلْبَاءُ ذَاتُ وَبَرٍ وَلاَ أُحْسِنُهَا وَلَوْ أُلْقِيَتْ عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأَعْضَلَتْ بِهِ، وَإِنَّمَا نَحْنُ فِي العُنُوقِ (...) وَلَسْنَا فِي النُّوقِ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: قَدِ اسْتَحْيَيْنَا مِنْكَ مِمَّا رَأَيْنَا مِنْكَ، فَقَالَ: لَكِنَّ المَلاَئِكَةَ المُقَرَّبِينَ لَمْ تَسْتَحِ حِينَ قَالَتْ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015