بِحَدِيثِهِ، حَتَّى لَا يَسَعَ أَحَدًا مِنْهُمْ قَبُولَ [مُرْسَلِهِ]» (?).

هذه هي الشروط التي قيد بها الشافعي قبول المرسل، وهذا المرسل المقبول بكل ما عضده أضعف المسند، لأن فيه من الاحتمال ما ليس في المسند: «وَإِذَا وُجِدَتْ الدَّلَائِلُ بِصِحَّةِ حَدِيثِهِ بِمَا وَصَفْتُ، أَحْبَبْنَا أَنْ نَقْبَلَ مُرْسَلَهُ. وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَزْعَمَ أَنَّ الحُجَّةَ تَثْبُتُ بِهِ ثُبُوتَهَا بِالمُتَّصِل، وَذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى المُنْقَطِعِ مُغَيَّبٌ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حُمِلَ عَنْ مَنْ يُرْغَبُ عَنْ الرِّوَايَةِ عَنْهُ إِذَا سُمِّيَ وَإِنَّ بَعْضَ المُنْقَطِعَاتِ - وَإِنْ وَافَقَهُ مُرْسَلٌ مِثْلَهُ - فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَخْرَجُهَا وَاحِدًا، مِنْ حَيْثُ لَوْ سُمِّيَ لَمْ يُقْبَلْ» (?).

أما موقف الأصوليين بعد الشافعي، فالأحناف منهم ينقلون الاتفاق بين علمائهم على قبول مراسيل القرون الثلاثة الأولى: (الصحابة والتابعين وتابعيهم)، فأما مراسيل من بعد هذه القرون الثلاثة، فَقَدْ كَانَ أَبُو الحَسَنِ الكَرْخِيِّ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مَرَاسِيلِ أَهْلِ الأَعْصَارِ (*)، وكان يقول (**): «مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ مُسْنَدًا، تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ مُرْسَلاً»، واختاره الآمدي من الشافعين حيث يقول: «وَالمُخْتَارُ قَبُولُ مَرَاسِيلِ العَدْلِ مُطْلَقًا» (?).

«وَذَهَبَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ إِلَى قَبُولِ الْمُرْسَلِ مَنْ اِشْتَهَرَ فِي النَّاسِ بِحَمْلِ الْعَلْمِ مِنْهُ، كَمُحَمَّدِ بْنِ الحَسَنِ مَثُلاً، وَمَنْ اشْتَهَرَ بِالرِّوَايةِ دُونَ العِلْمِ فَإِنَّ مُسْنَدَهُ يَكُونُ حُجَّةً، وَمُرْسَلَهُ يَكُونُ مَوْقُوفًا إِلَى أَنْ يَعْرِضَ عَلَى مَنْ اشْتَهَرَ بِحَمْلِ الْعِلْمِ عَنْهُ. وَذَهَبُ أَبُو بَكَرَ الرَّازِيِ الْجَصَّاصُ إِلَى أَنَّ مُرْسَلَ مَنْ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ الثَّلاثَةِ حُجَّةٌ، مَا لَمْ يُعْرَفْ مِنْهُ الرِّوايَةَ عَمَّنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ ثِقَةٍ، وَمُرْسَلُ مَنْ كَانَ بَعْدَهُمْ لَا يَكُونُ حُجَّةٌ إِلّا مَنْ اشْتَهَرَ بِأَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلّا عَمَّنْ هُوَ عَدْلٌ ثِقَةٌ»،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015