بعد أن بينا علاقة السنة بالقرآن، وأشرنا إلى الاتجاهات المختلفة في تحديد هذه العلاقة، وبعد أن رأينا أن معظم مباحث هذه العلاقة يدور حول خبر الآحاد، إذ هو جل السنة، حتى لكأنه المعني بها عند الإطلاق - لم يكن بد من التعرض لخبر الآحاد، وبيان اختلاف العلماء في الشروط التي يجب أن تتوافر فيه ليكون صالحًا للاحتجاج به، حتى تتضح الفروق بين المحدثين وغيرهم من القائلين بحجية خبر الآحاد. أما الذين أنكروا حجية خبر الآحاد. فليست مناقشتهم مما تعنينا هنا. وقد كفانا العلماء من السلف والخلف مؤونة هذه المناقشة (?).
وخبر الآحاد قسيم الخبر المتواتر ومقابله، إذ الخبر ينقسم إلى متواتر وآحاد: فالمتواتر «مَا اتَّصَلَ بِنَا عَن رَسُولِ اللَهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتر
مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ القَائِلِ: تَوَاتَرَتْ الكُتُبُ، إِذَا اتَّصَلَتْ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فِي الوُرُودِ مُتَتَابِعًا. وَحَدُّ ذَلِكَ أَّنْ يَنْقُلَهُ قَوْمٌ لَا يُتَوَهَّمُ اجْتِمَاعُهُمْ وَتَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الكَذِبِ لِكَثْرَةِ عَدَدِهِمْ وَتَبَايُنِ أَمْكِنَتِهِمْ عَنْ قَوْمٍ مِثْلَهُمْ هَكَذَا إِلَى أَنْ يَتَّصِلَ بِرَسُولِ اللَهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَكُونُ أَوَّلُهُ كَآخِرِهِ،