والمقصود تخصيص عام القرآن بخبر الآحاد، وهي من النقاط المختلف فيها، والتي تفرق بين المحدثين وأهل الرأي، بل جعلها الأستاذ أبو زهرة «فَيْصَلَ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الفُقَهَاءِ الذِينَ غَلَبَ عَلَيْهِمْ الرَّأْيُ، وَالفُقَهَاءِ الذِينَ غَلَبَ عَلَيْهِمْ الأَثَرُ، فَإِنَّ الذِينَ غَلَبَ عَلَيْهِمْ الرَّأْيُ لَا يَأْخُذُونَ بِأَخْبَارِ الآحَادِ فِي مَقَامِ تَعَرَّضَ لَهُ القُرْآنُ، وَلَوْ بِصِيغَةِ العُمُومِ، إِذْ يَجْعَلُونَ عُمُومَاتِ القُرْآنِ فِي عُمُومِهَا، وَلَا يَجْعَلُونَ خَبَرَ الآحَادِ فِي مَرْتَبَةِ تَخْصِيصِهَا، أَمَّا الفُقَهَاءُ الذِينَ غَلَبَ عَلَيْهِمْ الأَثَرُ فَيُخَصِّصُونَ عَامَّ القُرْآنَ بِالخَبَرِ مُطْلَقًا» (?).
وتوضيح هذين الاتجاهين يستلزم إلمامة سريعة تتعرض فيها لتعريف العام، وكيف يخصص، ونبين الأساس الذي انبنى عليه كلاهما.
والعام - في أرجح الأقوال -: هو لفظ وضع للدلالة على أفراد غير محصورين، على سبيل الاستغراق والشمول، سواء كانت دلالته على ذلك بلفظه ومعناه، بأن كان بصيغة الجمع: كالمسلمين والمسلمات، والرجال والنساء، أو كانت دلالته على ذلك بمعناه فقط، كالقوم ومن وما.
والخاص لفظ وضع للدلالة على فرد واحد أو أفراد محصورين.
والتخصيص: قصر العام على بعض أفراده (?).
وهذا الدليل المخصص قد يكون كلامًا مستقلاً (منفصلاً أو متصلاً)، وقد يكون كلامًا غير مستقل، وقد يكون أمرًا آخر غير الكلام: هو