وفي تحقيق هذا التطور التاريخي لكلمة «الفِقْهِ» يقول الغزالي: «وَلَقَدْ كَانَ اسْمُ الفِقْهِ فِي العَصْرِ الأَوَّلِ مُطْلَقًا عَلَى عِلْمِ الآخِرَةِ، وَمَعْرِفَةِ دَقَائِقِ وَآفَاتِ النُّفُوسِ وَمُفْسِدَاتِ الأَعْمَالِ، وَقُوَّةِ الإِحَاطَةِ بِحَقَارَةِ الدُّنْيَا، وَشِدَّةِ التَّطَلُّعِ إِلَى نَعِيمِ الآخِرَةِ، وَاسْتِيلَاءِ الخَوْفِ عَلَى القَلْبِ» إلى أن قال: «وَلَسْتُ أَقُولُ إِنَّ اسْمَ الفِقْهِ لَمْ يَكُنْ مَتْنًا وَلَا لِلْفَتَاوَى فِي الأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ، وَلَكِنْ بِطَرِيقِ العُمُومِ وَالشَّمُولِ لَا بِطَرِيقِ التَّخْصِيصِ كَمَا حَدَثَ فِي العُصُورِ المُتَأَخِّرَةِ» (?).
وقد لاحظ بعض العلماء هذه الإطلاقات المتعددة لكلمة الفقه، فوضع تعريفًا يمكن أن يشملها فقال: «الفِقْهُ مَعْرِفَةُ النَّفْسِ مَا لَهَا وَمَا عَلَيْهَا» وهذا يشمل الاعتقاديات والوجدانيات، فإذا أضفت إلى التعريف كلمة (عَمَلاً) خرج علم الكلام والتصوف (?).
مَرَاحِلُ التَّطَوُّرِ لِلْفِقْهِ الإِسْلاَمِيِّ: (?).
لا شك أن العرب قبل الإسلام كانت لهم طقوس دينية، وعادات اجتماعية، وعلاقات تجارية وحربية، وبعض هذه العلاقات والعادات والطقوس بقايا دين إبراهيم وإسماعيل - عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ - ورثها العرب عن آبائهم مشوهة أو صحيحة وبعضها أملته عليهم طبيعة البيئة البدوية التي يعيشون فيها، وبعض ثالث كان نتيجة احتكاكهم بالأمم المجاورة لهم وتأثرهم بها في بعض شؤون حياتهم. هذه العادات والأعراف المختلفة المصادر كان لها قوة القانون، بل كانت هي القانون النافذ فيهم فلما جاء الإسلام ألغى