على أنه منسوخ «وَإِذَا كَانَ خَبَرُ الشَّاهِدِ وَاليَمِينِ مُحْتَمِلاً لِمَا وَصَفْنَا، وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ وَأَنْ لاَ يُزَالَ بِهِ حُكْمٌ ثَابِتٌ مِنْ جِهَةِ نَصِّ القُرْآنِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَا أَتَاكُمْ عَنِّي فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللَّهِ فَهُوَ مِنِّي، وَمَا خَالَفَهُ فَلَيْسَ مِنِّي "» (?).

وقد ذهب المحدثون (?) - حاشا البخاري - إلى الأخذ بحديث الشاهد واليمين، وسبقهم إلى الأخذ به مالك والشافعي وفقهاء المدينة، ولم يأخذ به زيد بن علي والزهري والنخعي، وأبو حنيفة وأصحابه.

أما البخاري فلم يأخذ بهذا الحديث، ولم يروه في " صحيحه "، بل روى ما يدل على أنه غير صحيح، يستنبط ذلك من قوله: (بَابٌ اليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الأَمْوَالِ وَالحُدُودِ. وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» وَقَالَ قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ، كَلَّمَنِي أَبُو الزِّنَادِ فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَيَمِينِ المُدَّعِي، فَقُلْتُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: 282]، قُلْتُ: «إِذَا كَانَ يُكْتَفَى بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَيَمِينِ المُدَّعِي، فَمَا تَحْتَاجُ أَنْ تُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى مَا كَانَ يَصْنَعُ بِذِكْرِ هَذِهِ الأُخْرَى؟»).

وقد روى البخاري في هذا الباب عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِاليَمِينِ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ»، كما روى أيضًا قول النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأحدد الخصمين المترافعين إليه: «شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ» (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015