ينبههم إلى أنه غسل قدميه استجابة لميله الطبيعي إلى غسل القدمين وَقَالَ: «حُبِّبَ إلَيَّ الوُضُوءُ». وَقَالَ: «إنِّي لَمُولَعٌ بِغَسْلِ قَدَمَيَّ، فَلَا تَقْتَدُوا بِي» (?).
وكما كان ابن عمر حريصًا على تتبع أمر الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وآثاره وأفعاله - كان حريصًا على حفظ حديثه ينقله بألفاظه، لا يزيد فيها ولا ينقص منها، وينقل لنا أبو جعفر محمد بن علي [بن الحسين بن علي] (*) بن أبي طالب هذا الجانب من شخصية ابن عمر فيقول: «لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ إِذَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا أَحْذَرَ أَلاَّ يَزِيدَ فِيهِ أَوْ يُنْقِصَ مِنْهُ، وَلاَ، وَلاَ ... مِنْ ابْنِ عُمَر» (?) (*).
أما سرعة استجابته للحديث وأخذه به وقلة نقده له - فهي ظاهرة واضحة عند ابن عمر. وإذا كان ابن عباس يبلغه الحديث فيما يخالف اجتهاده، فيعلله أو يؤوله - كما سبق أن قدمنا - فإن ابن عمر على العكس من ذلك، متى يبلغه الحديث يرجع إليه دون معارضة، ودون ضرب الأمثال له، كما أخذ ذلك أبو هريرة على ابن عباس.
وقد ذكرنا من قبل رأي ابن عباس في ربا الفضل، وثباته على هذا الرأي رغم معارضته لحديث أبي سعيد الخُدري، وقد صح عن ابن عمر أنه كان يقول بقول ابن عباس في الربا (?)، ولكنه ما لبث أن رجع عنه عندما بلغه الحديث في ذلك. وهذا فرق هام بين ابن عمر وابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ -.
ولعل أوضح مثال يؤكد هذا الفرق بينهما هو ما أثر عنهما في حكم المزارعة، واختلاف موقفهما حيال ما روي فيها، فقد كان شائعًا بينهم إجارة الأرض ببعض ما يخرج منها حتى حديث بعض متأخري الصحابة أن النبي