بين الصحابة بغوصه على معاني القرآن وحسن تفسيره له وبراعة استنباطه منه حتى لقب بترجمان القرآن. ومن أمثلة استنباطه من القرآن أنه سئل عن السجدة التي في (سورة ص) عند قوله تعالى: {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24]، فأجاب ابن عباس بقوله: أَتَقْرَأُ هَذِهِ الآيَةَ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} وَفِي آخِرِهَا: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام: 90] قَالَ: «أُمِرَ نَبِيُّكُمْ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقْتَدِيَ بِدَاوُدَ» (?).

وسأله رجل عن معنى قوله تعالى: {قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23]- فَأَجَابَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قَرَابَةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «عَجِلْتَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ، إِلا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِمْ قَرَابَةٌ، فَنَزَلَتْ: {قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 23]: إِلاَّ أَنْ تَصِلُوا قَرَابَةَ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ» (?).

وقد جاءت روايات مختلفة في التيمم، بعضها يأمر بمسح الكفين والوجه، وبعضها الآخر يأمر بمسح اليدين إلى المرفقين مع الوجه. ولما سئل ابن عباس عن ذلك لَمْ يُحَاوِلْ أَنْ يُرَجِّحَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ المُخْتَلِفَةِ عَنْ طَرِيقِ الأَسَانِيدِ بل اتجه إلى القرآن مستنبطًا منه إجابته، مدعمًا به رأيه فقال: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ حِينَ ذَكَرَ الوُضُوءَ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ} [المائدة: 6]، وَقَالَ فِي التَّيَمُّمِ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43]، وَقَالَ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، فَكَانَتِ السُّنَّةُ فِي القَطْعِ الكَفَّيْنِ، إِنَّمَا هُوَ الوَجْهُ وَالكَفَّانِ: «يَعْنِي التَّيَمُّمَ» (?).

وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ ذَبْحَ ابْنَهُ فَقَالَ: «لاَ يَنْحَرِ ابْنَهُ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ»،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015