القُرْآنِ وَكَانَ بِهَا أَيْضًا مَنْ لَا تُرْضِي حَالُهُ كَهَيْتٍ المُخَنَّثُ (*) الذِي أَمَرَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - بِنَفْيِهِ وَالحَكَمِ الطَّرِيدِ (**) وَغَيْرَهُمَا فَلَيْسَ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ يَقَعُ عَلَيْهِمْ اسْمُ الصَّحَابَةِ» (?).

أما الاتجاه الثاني في تعريف الصحابي، فهو اتجاه الفقهاء والأصوليين وبعض المحدثين، وهو يميل إلى المعنى العرفي ويحكم الاستعمال الشائع الذي يجعل الصحبة أخص من الرؤية.

ويوضح الباقلاني الاتجاهين السابقين فيقول: «لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ اللَّغَةِ أَنَّ الصَّحَابِيَّ مُشْتَقٌّ مِنَ الصُّحْبَةِ جَارٍ عَلَى كُلِّ مَنْ صَحِبَ غَيْرَهُ، قَلِيلاً كَانَ أَوْ كَثِيرًا، يُقَالُ صَحِبَهُ شَهْرًا وَيَوْمًا وَسَاعَةً. قَالَ: وَهَذَا يُوجِبُ فِي حُكْمِ اللُّغَةِ إِجْرَاءَ هَذَا عَلَى مَنْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَوْ سَاعَةً. هَذَا هُوَ الأَصْلُ. قَالَ: وَمَعَ هَذَا فَقَدْ تَقَرَّرَ لِلْأُمَّةِ عُرْفٌ فِي أَنَّهُمْ لَا يَسْتَعْمِلُونَهُ إِلَّا فِيمَنْ كَثُرَتْ صُحْبَتُهُ وَاتَّصَلَ لِقَاؤُهُ وَلاَ يَجْرِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَقِيَ المَرْءَ سَاعَةً وَمَشَى مَعَهُ خُطُوَاتٍ وَسَمِعَ مِنْهُ حَدِيثًا فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجْرِي فِي الاسْتِعْمَالِ إِلَّا عَلَى مَنْ هَذَا حَالُهُ» (?).

وما يميل إليه الباقلاني من تحكيم العرف في ذلك هو الصحيح فإن الصحبة أخص من الرؤية بدليل أن من الصحابة أنفسهم من كان يرى ذلك، فقد سُئِلَ أنس بن مالك: «هَلْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ غَيْرُكَ؟ قَالَ: نَاسٌ مِنَ الأَعْرَابِ رَأَوْهُ، فَأَمَّا مَنْ صَحِبَهُ فَلاَ» (?).

تَفَاوُتُ الصَّحَابَةِ فِي العِلْمِ:

هؤلاء الصحابة الذين أثنى الله عليهم، واقتبسوا من مشكاة النبوة - لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015