ولنا في قصة يوسف -عليه السلام- مثل آخر في التخطيط: فحين أشار بأن يزرعوا سبع سنين دأبًا, وأن يدعوا القمح في سنبله، فإنه كان -بذلك- يخطط لدرء أخطار المجاعة القادمة بعد سنين عدة. وقد استخدم علمه وخبرته اللذين وهبهما الله له حين فسر السبع بقرات السمان؛ بأنها ترمز إلى السبع سنوات الراغدات، وحين فسر السبع بقرات العجاف بأنها ترمز إلى السبع سنوات الجادبات. كما استخدم علمه وخبرته بأساليب تخزين القمح حين أشار بأن يدعوا القمح في سنبله؛ لأن ذلك أدعى إلى سلامة حبوب القمح في المخازن.

ولنا في الإعداد لغزوات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهجرته أمثله أخرى. فإذا نظرنا إلى هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام، نجد الآتي:

أن الهدف هو خروج الرسول -عليه الصلاة والسلام- من مكة ووصوله إلى المدينة بسلام بإذن الله. وكانت السرية، وقلة عدد المصاحبين للرسول، والتمويه بعدم خروجه من بيته، وعدم حمل ما يثقل الكاهل ويوحي بالسفر، وتنظيم وصول الطعام، وشغل منام الرسول بشخص آخر، جزءا من السياسة التي اتبعت لتحقيق الهدف.

وكان اختيار شخص آخر لينام في مكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتنظيم وصول الطعام إلى الرسول وصاحبه بواسطة شخص موثوق فيه، واختيار دليل بذاته وسبقه بالراحلتين، من الإجراءات التي اتخذت لبلوغ الهدف.

وكان اختيار علي لينام مكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وابنة الصديق لتحمل الطعام إلى الرسول وصاحبه، واختيار دليل ماهر، واللجوء إلى غار ثور في الوقت المناسب، استثمارًا جيدا للإمكانات البشرية والمادية المتاحة.

وبتقويم هذا الموقف نجد أن السياسية الحكيمة التي رسمت، والإجراءات السليمة التي نفذت، والاختيار الموفق للعناصر البشري والمادية، قد أدت إلى الوصول إلى الهدف، وهو هجرة الرسول وصاحبه بسلام من مكة إلى المدينة في أمان.

أما الغزوات فكانت تعتمد على سياسات: السرية والشورى واختيار المكان المناسب، وإعداد المجاهدين معنويا وماديا، واستطلاع قوة المشركين، وغير ذلك مما يحقق هذا الانتصار لدين الله.

وكان من بين الإجراءات اختيار القادة، وتوزيع المجاهدين على المواقع، وتنظيم طرق إخلاء الجرحى، وغير ذلك مما يساعد على تحقق الهدف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015