الْكتب كَأَنَّهُ رَضِي الله عَنهُ رأى إِنَّه إِنَّمَا يتَكَلَّم فِيهَا بِالِاجْتِهَادِ للضَّرُورَة فالضرورة تبيحه كالميتة وَكره أَن يُقَلّد غَيره من غير اجْتِهَاده فَأمر بتقطيع الْكتاب لذَلِك بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ مَعَه نَص فَإِنَّهُ يبلغهُ وَيَأْمُر بتبليغه وَلَا يَأْمر بِقطع كِتَابه
وَأما قَوْله إِن تَقْدِيم الأقدم فِي الإستنباط أولى فَإِن ذَلِك غير مُسلم بل قد يكون التلميذ أفضل من شَيْخه كَمَا تقدم
فَيُقَال لَهُ إِن كنت قلدته لكَونه أقدم فِي الإستنباط فقلد شَيْخه لإنه أقدم مِنْهُ وَكَذَلِكَ من هُوَ أقدم حَتَّى يَنْتَهِي الْأَمر إِلَى أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
فَإِن أَبى قيل لَهُ كَيفَ يجوز تَقْلِيد من هُوَ أَصْغَر وَأَقل علما وَلَا يجوز تَقْلِيد من هُوَ أكبر وَأكْثر علما وَهَذَا تنَاقض بَين
وَإِن قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله جمع علم من قبله إِلَى علمه قيل لَهُ فَمن جَاءَ بعد أبي حنيفَة رَحمَه الله قد جمع علمه إِلَى علمه فيلزمك تَقْلِيده
فَإِن قَالَ نعم فقد جعل صغَار الْعلمَاء أولى بالتقليد من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ورضى عَنْهُم وَإِلَّا تنَاقض
وَأما قَوْله فِي الْحِكَايَة الَّتِي تنْسب إِلَى الْمُزنِيّ أَنه قَالَ إِن أَبَا حنيفَة رَحمَه الله سلم لَهُ النَّاس إِلَى فِيهِ أحد فَإِن هَذِه الْحِكَايَة لَا أَظن انها