الناس - اقتضي إطلاقُ هذا اللفظ إخبارَك بقيام جميعهم، (فإذا قلت: إنْ أقام الناس - خرج عن كونه كلامًا بالكلية، فإذا قلت: قام الناس إلا زيدًا لم يخرج عن كونه كلامًا، ولكن خرج عن اقتضاء قيام جميعهم) (?) إلى قيام ما عدا زيدًا. فعلمتَ بهذا أنَّ لإفادة: "قام الناس" للإخبار بقيام جميعهم شرطين:
أحدهما: أن لا يبتدئه بما يخالفه.
والثاني: أن لا يختمه بما يخالفه.
وله شرط ثالث أيضًا: وهو أن يكون صادرًا عن قصد، فلا (?) اعتبار بكلام الساهي والنائم.
فهذه ثلاثة شروط لا بد منها، وعلى السامع التنبُّه لها، فوضح بهذا أنك لا (?) تستفيد قيام الناس من قوله: قام الناس، إلا بإطلاق هذا القول؛ فلذلك اشترطنا ما ذكرناه.
فإن قلت: من أين لنا اشتراط ذلك واللفظ وحده كافٍ في ذلك؛ لأن الواضع وضعه لذلك.
قلت: وَضْعُ الواضعِ له معناه: أنه جعله متهيئًا لأَنْ يفيد ذلك المعنى عند استعمال المتكلم له على الوجه المخصوص، والمفيدُ في الحقيقة إنما هو المتكلم واللفظ كالآلة الموضوعة لذلك.