اتفق الكل حتى القائلون بجواز التكليف بما لا يطاق على أنه يُشترط في المأمور أن يكون: عاقلًا، يَفْهم الخطاب، أو يتمكن مِنْ فهمه؛ لأن الأمر بالشيء يتضمن إعلام المأمور بأن الآمر طالبٌ للمأمور به منه، سواء أمكن حصوله منه أم لم يمكن، كما في التكليف بما لا يطاق. وإعلامُ مَنْ لا عقلَ له (ولا فهمَ متناقِضٌ؛ إذ يصير التقدير: يا من لا فَهْم له افهم، ويا مَنْ لا عقل له) (?) اعقِل المأمور به. فعلى هذا لا يجوز أمر الجماد والبهيمة؛ لعدم العقل والفهم، (وعدمِ استعدادهما. ولا أمرُ المجنونِ والصبيِ الذي لا يميز؛ لعدم العقل والفهم) (?) التامَّيْن، وإنْ كانا مُسْتَعِدَّيْن لهما.

امتناع تكليف الغافل

وقد نَسَبَ المصنفُ امتناعَ تكليفِ الغافلِ إلى مَنْ يُحيل تكليفَ المحال، وهو يُفْهم أنَّ الذي لا يحيله لا يمنعه، وليس الأمر كذلك، بل المختار مَنْعُه وإن فَرَّعنا على صحة التكليف بالمحال.

وعلى المصنف في قوله: "تكليف المحال" مُعْتَرضٌ آخر: وهو أن تكليفَ المحال: هو ما رجع إلى المأمور، وهو تكليف الغافل. فكان الأَوْلى أن يقول: التكليف بالمحال (?).

واستدل المصنف على المختار: بأن مقتضى التكليف الإتيانُ بالمأمور به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015