يَعُدُّون ذلك أمرًا هينًا، بل يرون الاستجراء على مخالفة العلماء ضلالًا بيّنًا، وإجماعهم هذا مع الإنصاف كالقطع في محل الظن عند نظر العقل، فإذا التحق هذا بإجماعهم قطعًا في حكمٍ مظنون قَطَع به المُجْمِعون من غير ترديدِ ظنٍّ - فليكن الإجماعُ على تبكيت المخالف وتعنيفه مستندَ قاطعٍ شرعي، ولا يبعد أن يكون ذلك بعضَ الأخبار التي ذكرناها، تَلَقَّاها مَنْ تلقاها مِنْ فَلْق في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?) وعلم (?) بقرائن الأحوال قَصْدَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في انتصاب الإجماع حجةً، ثم عَلِموا ذلك وعَمِلوا به واستَجْرُوا (?) على القطع بموجبه، ولم يهتموا (بنقلِ سببِ) (?) قطعهم، فقد تقرر انتصابُ الإجماع دليلًا قاطعًا، وبرهانًا ساطعًا" (?).
هذا كلام إمام الحرمين، وحاصله أنه يقول: اتفاق الجمع العظيم على الحكم الواحد يستحيل أن لا يكون لدلالة أو أمارة (?)، فإن كان لدلالةٍ كان الإجماع كاشفًا عن ذلك الدليل، وحينئذ يجب اتباع الإجماع؛ لأن مخالفته تكون مخالفة لذلك الدليل. وإن كان لأمارةٍ فقد رأينا الأولين