وسلكت طائفةٌ طريقةً أخرى، قال القاضي: "وهي الأَوْلى: وهي أنَّا قد علمنا قطعًا (وانتشارًا احتجاجَ) (?) السلف في الحث على (?) موافقة الأمة واتباعها، والزجرِ عن مخالفتها، بهذه الأخبار التي ذكرناها"، قال القاضي: "وما أبدع مُبْدِعٌ في العُصُر الخالية بدعةً إلا وبَّخه علماءُ عصره على ترك الاتباع وإيثار الابتداع (?)، واحتجوا عليه بالألفاظ التي قدمناها"، قال: "وهذا ما لا سبيل إلى جَحْده، وقد تحقق ذلك في زمن الصحابة والتابعين ومَنْ بعدهم، ولم يُظْهِرْ أحدٌ قبل النَّظَّام مَطْعنًا في الأحاديث، فلولا أنهم علموا قطعًا صِدْقَ الرواة - لوجب في مُسْتَقَر العادة أن يُبدوا ضربًا من المطاعن في الأخبار" (?). هذا كلام القاضي.

ولقائل أن يقول: أما أن السلف كانوا يُوَبِّخون على ترك الاتباع وإيثار الابتداع - فمسلَّم، وأما أنهم كانوا يحتجون على ذلك بالألفاظ المتقدمة - فغير مسلَّم، فلم (?) تكن هذه الطريقة سالمةً عن الاعتراض.

وقال الإمام: "لم يقل أحدٌ: إنَّ الإجماع المنعقد بصريح القول دليلٌ ظني، بل منهم مَنْ نفى كونه دليلًا بالأصالة، ومنهم مَنْ جعله قاطعًا" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015