الدليل على رد المرسل: أن عدالة الأصل غير معلومة، فلا تكون روايته مقبولة؛ لأن رواية المجهول مردودة.
فإن قيل: روايته عنه مع إخفاء اسمه تعديل، وإلا يكون مُلَبِّسًا غاشًا.
قلنا: لا نسلم، وسند هذا المنع أن العَدْل قد يروي عن غير العدل. كذا أجاب في الكتاب.
ولقائل أن يقول: إنما يروي عن غير العدل إذا صَرَّح به ليُعْرف، أما إذا أبهمه فذلك تلبيس لا يجوز. و (?) لأولى الجواب: باحتمال ظَنِّه عدالتَه، وليس في نفس الأمر كذلك، ويجوز أنه لو أظهره لاقتضى نظرُنا أنه غير عدلٍ، بخلاف ما اقتضاه نظرُه.
فإن قيل: قول هذا العدل: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" يقتضي أنه عَلِم أو ظن أنه قال، وإلا لم يسنده إليه، وإذا صح أنه قال - تَعَيَّن قبولُه (?).
قلنا: قول الفرع: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" يقتضي الجزمَ بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال، ولا شك في ثبوت احتمال أنه لم يقله، والجزم بالشيء مع تجويز (?) نقيضه كذب قادحٌ في عدالة الراوي. فإذن لا بد مِن صَرْف هذا اللفظ عن ظاهره، وليس قولُهم: المراد أني أظُنُّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاله - بأولى من قولنا نحن: المراد أني سمعتُ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاله. ومعلومٌ