وإن اعتقدوا حرمة الكذب - ففيه مذهبان:

أحدهما: أنه لا يُقبل. وهو مذهب القاضي أبي بكر، والقاضي عبد الجبار، والغزالي، والآمدي، والأكثرين (?).

والثاني: يقبل. وهو رأي الإمام وأتباعه، وأبي الحسين البصري (?).

واستدلوا عليه: بأن اعتقادهم حرمة الكذب يزجرهم عن الإقدام عليه، فيحصل ظنُّ صدقه، فيجب العمل به. قال القرافي: وفيه نظر؛ فإنَّ مِن أهل الكتاب (?) مَنْ يستقبح الكذب غاية الاستقباح، ومع ذلك لا تُقبل روايته بالإجماع (?).

واحتج القاضيان أبو بكر وعبد الجبار: بقياسه على الفاسق، قالا: فإنه أعظم من الفاسق نكرًا، والفاسق مردودُ الرواية، فليكن هذا هكذا بطريق الأوْلى، وبالقياس على الكافر المخالف في الملة (?) بجامع الكفر.

والجواب: أن الفرق بينه وبين الفاسق جَهْلُه بفسق نفسه، فَيَحْتَرِزِ عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015