واعلم أن الخبر وإن كان من حيث هو يحتمل الصدق والكذب، لكنه قد يُقطع بصدقه أو بكذبه لأمورٍ خارجة، أو لا يقطع بواحدٍ منهما، لفقدان ما يوجب القطع، وحينئذٍ فقد يُظَنُّ الصدق، وقد يظن الكذب، وقد يستوي الأمران. والمصنف تكلم في فصولٍ:
الأول: فيما يُقطع بصدقه.
والثاني: فيما يُقطع بكذبه.
والثالث: فيما يُظن بصدقه (?).
واقتصر على هذه الفصول، وقد علمتَ مما ذكرناه أن الخبر منحصرٌ في الصدق والكذب؛ لأنه إما مطابق للواقع - وهو الصدق، أوْ لا - وهو الكذب.
وجعل الجاحظ بينهما واسطة فقال الصادق: هو المطابِق للواقع، مع اعتقاد كونه مطابقًا والكاذب: غير المطابق، مع اعتقاد كونه غير مطابق.
قال: وأما الذي لا اعتقاد يصحبه - فليس بصدقٍ ولا كذب، سواء طابَق الواقع أم لم (?) يطابقه. وهذا قولٌ مُزَيَّف عند الجماهير (?).