وأجاب في الكتاب: بالفرق، وهو أن الخطاب بما لا يفهمه المخاطَب لا يفيد شيئًا، بخلاف الخطاب بالمشترك ونحوه فإنه يُفهِم غَرَضًا إجماليًا يستعد المكلفُ مِنْ أجله لما يراد منه. فإن قيل مثلًا: اعتدِّي بثلاثة أقراء - أفاد أن المراد إما الأطهار أو الحيض، وأن العُدَّة وجبت بأحدهما. وأما الخطاب بما لا يُفْهَم فلا يفيد لا غَرَضًا إجماليًا، ولا تفصيليًا.
وقد أجاب القاضي في "مختصر التقريب" (?): "بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مبعوثٌ إلى العرب والعجم، (وكان) (?) ما يندر منه من الألفاظ العربية إلزامًا للفريقين وفاقًا، وإذا ساغ (?) مخاطبة العجم بلغة العرب - لم يبعد عكسه".
قلت: وهذا حسن. والتحقيق أن خطاب الغير أضْرُب:
أحدها: أن يُخاطِب بما يفهمه هو وغيره، وهو جائز إجماعًا.
والثاني: عكسه، وفيه الخلاف المتقدم في مسألة أن الله لا يخاطبنا بالمهمل.
والثالث: أن يفهمه المخاطَب - بفتح الطاء - دون غيره. فيجوز اتفاقًا، سواء تعلق بخاصة نفسه، أم بغيره، ويصير فيما إذا تعلَّق بغيرهِ كالتَّرْجمان والمبلِّغ.
والرابع: أن يفهمه غيرُه، ولا يفهمه هو. وهذا هو (?) الذي تكلم فيه